وطنا اليوم:بعد أن خسر الاردن خلال آخر خمس سنوات أكثر من 3 آلاف إنسان بسبب حوادث المركبات القاتلة في الشَّوارع، أعاد الأردن النَّظر بالعديد من مواد بقانون السَّير لجهة تغليظ العقوبة لتصبح عقوبة تجاوز الإشارة الضَّوئية الحمراء الحبس حتى ستة أشهر في حال تكرارها أكثر من مرَّة خلال سنة، وغرامة مالية تصل إلى 300 دينار.
وسيصبح القانون نافذًا يوم 12 أيلول المقبل بعد أن صدر في الجريدة الرَّسمية ومهلة 30 يومًا قبل نفاذه وهي فرصة كافية للإطلاع عليه والتوعية بنصوصه كافة، وتم توشيح القانون بالإرادة الملكية السامية ليستكمل كل مراحله الدستورية التي تجعله من بين القوانين سارية المفعول الضابطة لإيقاع المجتمع وسلوكات أفراده.
خبير الطرق وأستاذ الهندسة المدنية في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية الدكتور تركي عبيدات أكد أنَّ تغليظ المخالفات والعقوبات في قانون السير المعدل تساهم في ردع السائقين المتهورين والحد من الحوادث المرورية المميتة خاصة تلك الناتجة عن مخالفة الإشارات الضوئية والسرعات الزائدة واستخدام الهاتف النقال أثناء القيادة ومواكب الاحتفالات وعدم ارتداء حزام الأمان.
وقال، إنَّ نتائج الدراسات والتحقيقات المرورية أكدت أن الجهات المسؤولة عن معظم الحوادث المرورية هي السائق والمركبة والطريق، مشيرا الى أن مختلف دول العالم تعتبر سائقي المركبات مسؤولين عن أكثر من 90 بالمئة نتيجة السرعة الزائدة وعدم الانتباه والتتابع القريب والتجاوز الخاطئ.
وأضاف، إنَّ الحالة الميكانيكية للمركبات خاصة الفرامل والعجلات المهترئة قد تكون سببا بحوادث السير المميتة ومعظمها ينتج عن الشاحنات والباصات الكبيرة، مشيرا الى أهمية التقييم الهندسي للطرق سطحها وتوفر عناصر السلامة المرورية عليها وقدرتها على الحد من الانزلاقات المرورية و خلوها من الحفر والتشققات والمطبات وفعاليتها في تصريف مياه الأمطار بأقصى سرعة ممكنة.
ولفت إلى أنَّ الحوادث المرورية في الأردن أحد أهم أسباب الوفاة بعد أمراض القلب والسرطان بالإضافة إلى التكاليف الباهظة المترتبة على علاج الجرحى وإصلاح وتعويض الممتلكات.
وللحد من الحوادث المرورية يدعو عبيدات الى التشدد بشروط وتشديد وإجراءات إصدار رخص القيادة خاصة سائقي الشاحنات والباصات الكبيرة وتنظيم المخالفات بحق السائقين غير المنضبطين أو المستهزئين، إضافة الى تكثيف برامج التوعية المرورية من خلال وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.
وقال الخبير القانوني الدكتور محمود عبابنة، إنَّ قانون السير من أكثر القوانين عُرضَة للتعديل بسبب ارتفاع تصاعد مؤشر حوادث المرور والازدحامات، مشيرا الى أن الغرامات المفروضة على المخالفات غير رادعة وهو ما تطلب تغليظها.
ولفت إلى أن تغليظ العقوبات المالية محل إعجاب الغالبية العظمى من الناس كونه استهدف فئة المتهورين والمستهترين بأرواح الناس وممتلكاتهم واللامبالين بالأضرار تقود المركبات بتهور واستهتار ولا يلتزمون بالقانون وغير المبالين بالأضرار الكارثية التي تنجم عن القيادة الطائشة.
وأكد أنَّ الواقع اليومي لحوادث السَّير وحركة المرور تدفع بقوة إلى عدم دمج العقوبات وعدم النزول عن الحد الأدنى لها بل وتغليظها في الحوادث المفتعلة وتقديم البيانات الكاذبة باعتبارها أساليب احتيالية.
من جانبه اكد عضو هيئة إدارية في رابطة علماء الأردن والمستشار والخبير في الاقتصاد السلوكي الدكتور زايد نواف الدويري أن من شأن تغليظ العقوبات أن يسهم في الحد من المخالفات.
وأشار الى إدارات المرور والترخيص في بعض الدول الأوروبية والعربية ومنها البحرين تعمد بشكل سنوي الى تكريم السائق الملتزم بقواعد وأنظمة المرور وذلك لتحفيز السلوكي الايجابي ودم الاكتفاء بالجانب العقابي والغرامات، وفي دولة الإمارات العربية المتحدة تم استخدام برنامج المكافآت السلوكية قبل ما يزيد على أربع سنوات حيث يتم مكافأة الأفراد على سلوكياتهم الإيجابية ومنها الالتزام بقواعد المرور والسير .
وفي مقابل تغليظ العقوبة للسلوك المروي المخالف أوضح الدويري أن من ادوات الاقتصاد السلوكي إعفاء السائق الملتزم الذي لم يرتكب مخالفات خلال شهرين سابقين من قيمة بعض الفواتير كفاتورة الكهرباء مثلا.
من جانبه قال رئيس الجمعية الأردنية للوقاية من حوادث الطرق المهندس وفائي مسيس أن الموافقة على تعديل قانون السير، هو خطوة في الاتجاه الصحيح لترسيخ السلامة المرورية في الاردن لأن التشريعات وإنفاذ القانون هي العنصر الثالث من عناصر السلامة المرورية والتي تتكون من الهندسة والتوعية والتشريع.
وأكد أن قطع الإشارة الضوئية واستخدام الهاتف النقال أثناء القيادة والسرعة الزائدة تستحق دون شك أعلى مستوى من العقوبة المالية باعتبارها مخالفات خطرة.
وبين مسيس ان تنفيذ القانون سيطال الفئة المستهترة ومن يخالف لا بد أن يدفع ثمن مخالفته، لافتا الى أن الجمعية تؤيد تغليظ العقوبات لما لها من أثر في التخفيف من ويلات الحوادث المرورية وآثارها على المواطنين والوطن.