الدكتور فراس الشياب
وإستكمالاً لما بدأته في توضيح مسودة مشروع الجمعية الوطني أُناقش اليوم ما ورد نصاً عن الأردن الوطن وبيان فكرة ورؤية جمعية الإخوان في ذلك ، ونقرأ هذه المرة كيف تنظر الجمعية للأردن في برنامجها ورؤيتها ورسالتها. وفي هذا المشروع وردت عبارات شائقة واضحة على مركزية الأردن والقضايا الوطنية في فكر وعقل ووجدان الجمعية، وأن الوطن حاضر دائماً وأولوية مقدمة على كل الأولويات، ولذلك سأسلك معكم مسلك المستدل نصاً، لأظهر كلامهم منهم لا عنهم من أدبياتهم التي جعلوها مشروعاً وطنياً.
أولاً: الأردن التاريخ. فإن تاريخ الأردن العميق العروبي والإسلامي الممتد جذوراً عبر الزمن، يستحق من كل الأردنيين جهوداً في التعرف عليه وإظهاره والاعتزاز به، حيث تقول الجمعية في مشروعها الوطني :” عندما بزغت شمس الإسلام العظيم من بطاح مكة المكرمة والمدينة المنورة، وانطلقت الدعوة خارج حدود الجزيرة العربیة تحمل رسالة النور والھدى للعالمین، كان للأردن أكبر نصيب في مقاومة الظلم الذي تمارسه الدول القائمة آنذاك. فشھدت مؤتة – جنوب الأردن- أول معركة بین المسلمین والقوى البیزنطیة، وسقط على ثراھا عدد من شھداء الإسلام، وعلى ضفاف الیرموك – شمال الأردن- كان النصر الحاسم للرسالة الإسلامية، وأصبح الأردن أحد الأجناد العربیة الخمسة في بلاد الشام ، وفي الغور لا زالت مقامات الصحابة -عليهم رضوان الله- خير شاهد على مكانة الأردن ومستقبله، وعلى ثراه الطاهر قامت معركة الكرامة – وسط الأردن- في قتالها وانتصارها على الصهاينة المحتلين لأرض فلسطين، والتي شكلت منعطفاً بارزاً في إيقاف حالة التردي والهزيمة للأمة العربية”.
ثانياً: الأردن الشعب: حيث يمتد هذا الشعب تاريخاً ويلتقي بتاريخ جذور أمته العربية الإسلامية من أيام الفتح الإسلامي مروراً بالفتح الصلاحي إلى معركة الكرامة، حيث يقول المشروع:” والأردن بلد عربي مسلم تمتد جذوره عميقة في الأمتين العربية والإسلامية، وهو جزء لا يتجزأ منهما، يهتم لقضاياهم ويدفع عنهم كل ما يؤذيهم، وجمعية جماعة الإخوان المسلمون جزء من هذا النسيج العربي الإسلامي، يهتمون لما فيه النفع العام ويدفعون به، ويدفعون بجهدهم كل ما فيه خطر عن الأمتين العربية والإسلامية. وتبذل الجمعية في سبيل رفعة الأردن وتقدمه كل غالٍ ونفيس، والأردن بلد عظيم بتاريخه وأرضه وشعبه، وتحمل أرضه معالم تاريخ إنساني ممتد، يحكي لنا في كل شبر من ثراه تاريخاً وتراثاً إنسانياً وإسلامياً”.
ثالثاُ: الأردن العشق والهوى: فأي وطن هو هذا الأردن؟ فإنه إن كان حب الوطن شعوراً فطرياً، فإن الأردن يمتاز عن الكثير من الأوطان بما حباه الله من بركة، وشأن عظيمين، وجعل شعبه من أكرم وأنبل الشعوب محتداً وأخلاقاً، وقد جاء في المشروع نصاً:” الأردن وطن ترعرع الأردنيون على ثراه، ورضعوا حبه مع حليب الأمهات، يفدونه بالروح والمهج وكل نفيس. وحب الأوطان من الفطرة السليمة للإنسان وقد جاءت الشريعة الإسلامية مؤكدة عليه، وكذلك الدفاع عنه وحياطته من كل ما يهدده، لذلك فإن من واجب أي أردني أن يحب الأردن ويعشقه ويرى أن خدمته عبادة يتقرب بها لله عز وجل. وكذلك فإن قيادة وأفراد الجمعية ليسوا إستثناء، فهم مثل هذا الشعب الأردني الوفي الأصيل، كلهم في قلب رجل واحد على هذا الحب والعشق للأردن الوطن.”
رابعاً: الأردن النظام: إذ تقدر الجمعية عظيم دور الدولة الأردنية بنظامها، وتحرص على تماسكه، ومحاربة كل ما يؤذيه، وتؤكد على أهمية المحافظة عليه متمثلاً بسلطاته الثلاثة وإستقلالها، وعلى رأسها جلالة الملك -حفظه الله-، وترى أن وجود النظام الهاشمي كان ولا زال أكبر مرتكزات الإستقرار في الأردن.
خامساً: الأردن الموقف: حيث إن مواقف الأردن المحلية والإقليمية والعالمية المشهودة في مساندة الأهل في فلسطين والقضايا العربية، والإسلامية، وكذلك دول الجوار، ومحاولة التخفيف عنهم وتبني قضاياهم، ليضع الأردن محل التقدير من كل منصف وعاقل، ويجعل الأردن متقدماً على غيره عربياً وإسلامياً في رعاية القضية الفلسطينية والقضايا العربية والإسلامية.
سادساً: الأردن الإسلام: فإن العالم اليوم يعيش في إضطرابات فكرية وسلوكية مخالفة للفطرة السوية، بسبب إبتعاده عن دين ربه، وهدايته للناس، وفطرته التي فطر الناس عليها، والأردن متقدم على غيره في ذلك من حيث نشر التدين لدى عامة المسلمين، فتفتح المساجد ودور القرآن والجمعيات الدينية المتخصصة، والمؤسسات الرسمية الدينية، كالإفتاء والأوقاف والقضاء الشرعي ..الخ، رفداً لقيم الخير والعدل، وحق الناس في التدين، ولذلك فإن الجمعية تقدر للأردن عظيم دوره وجهده الكبير في المحافظة على شعائر الإسلام ومقدساته والقيم الإسلامية النبيلة، والوصاية على المسجد الأقصى، وطبع المجتمع الأردني بالصبغة المحافظة على تعاليم الإسلام الحنيف، وقد كان الأردن ولا زال رائداً في تمكين الإسلام وخدمة مقدساته وتعاليمه وقيمه والحرية الدينية ونشر قيم التسامح، ووجود مؤسسات رسمية وتطوعية متخصصة في ذلك.
وختاماً فإن الجمعية تتمنى على الأردنيين أن ينتبهوا لوطنهم الغالي الأردن وأن يلتفوا حوله وحول قضاياه، وأن يولوها جل عنايتهم واهتمامهم ليصح الحاضر والمستقبل من كل ما يتهدده، ويستحضروا عقد المواطنة بين المواطن والدولة، حيث إنهم أمام القانون سواء، بغض النظر عن معتقداتهم الدينية وأصولهم العرقية، ويجب أن تقوم هذه المواطنة على تكامل وتبادل الحقوق والواجبات ، وأن يعرف المواطن ما له من حقوق وما عليه من واجبات. كما أن مسؤولية تحقيق المواطنة الصالحة تقع بالدرجة الأولى على عاتق الدولة من خلال سن الأنظمة والقوانين والتشريعات التي تضمن الشفافية والعدالة في توزيع الفرص، والقضاء على حالة التهميش السياسي والإجتماعي والإقتصادي التي تأثر بها الشعب لفترة طويلة.”
وهذه القراءة النصية لتضع القاريء أمام واقعية الطرح الإسلامي والإنتماء الحقيقي الواعي الذي يتخذ من الأردن وطناً وأُماً وأَبا، وليس ساحة عابرة من الساحات.
ودمتم برعاية الله وحفظه. 19/07/2023م.