وطنا اليوم:أيام قليلة تفصل اللاجئ السوري ريّان الشبل عن تولي رئاسة بلدية قرية ألمانية محافظة بعد 8 سنوات من وصوله إلى البلد الأوروبي في رحلة لجوء طويلة ومريرة.
وقبل توليه منصبه سرد قصته خلال مؤتمر صحافي في برلين قائلاً، “كان الوقت ليلاً، ولم يكن هناك أي ضوء على ساحل ليسبوس اليونانية”.
وأضاف، “قبل ساعات قليلة، كنا في مدينة بسيطة على البحر الأبيض المتوسط في تركيا. ثم تغيّر الجو مع البرد والظلام وطبعاً الخوف الذي يرافق هذا النوع من الرحلات”.
وانتُخب الشبل البالغ 29 عاماً رئيساً لمجلس بلدية قرية أوستلسهايم الهادئة في جنوب غرب ألمانيا، في مارس (آذار).
وسيتولى منصبه في يونيو (حزيران).
سابقة
وانتخابه غير مسبوق إذ إنه أول لاجئ سوري يتبوأ رئاسة بلدية في البلد المضيف، من بين مئات الآلاف الذين وجدوا ملاذاً في ألمانيا في 2015.
عندما وصل إلى ألمانيا كان الشبل يبلغ 21 عاماً فقط. فر من بلاده سوريا الغارقة في حرب أهلية هرباً من الخدمة العسكرية الإجبارية. والتحق بأخيه في ألمانيا الذي كان يحمل تأشيرة طالب. ثم لجأ 4 من أصدقائه أيضاً إلى ألمانيا لكن والديه وشقيقه الآخر بقوا في سوريا.
بعد وصوله إلى اليونان، عبر الشاب إلى مقدونيا وصربيا وكرواتيا من خلال وسائل النقل العام وعلى الأقدام، واستغرق وصوله إلى ألمانيا 12 يوماً.
وتعلم ريّان الشبل بسرعة لغة البلد المضيف، قبل أن يتدرّب كمساعد إداري في دار البلدية في قرية ألتينغستيت المجاورة لأوستلسهايم. وقال، “إذا كنتم في الريف، فلا خيار أمامكم”. بعد سنوات من التواجد في ألمانيا، حصل أخيراً في العام 2022 على الجنسية الضرورية لتولي إدارة محلية.
وأكد أن تجربته في المنفى جعلته “يتحمل المسؤولية”، قائلاً “ليس فقط تجاه نفسي، ولكن أيضاً تجاه الآخرين”. وأضاف “ذلك يبني الشخص، ويخلق شخصية جديدة”.
وترشح الشبل كمستقل في هذه الانتخابات، وفاز بنسبة 55.41% من الأصوات في القرية التي تضم 2700 نسمة. والشبل أيضاً عضو في حزب الخضر، لأن “حماية المناخ مهمة جداً” بالنسبة له. انتصار مدو
ويُعدّ انتصاره مدوياً في البلدة التي تُعتبر محافظة، والواقعة بين التلال والحقول.
ورأى الشبل أن انتخابه يعود لقدرته على الاستماع لمشاكل سكان البلدة، وحملته التي ركزت على قضايا رعاية الأطفال والتكنولوجيا الرقمية.
ومع ذلك يعترف بأنه “لم يشعر بأي شيء” خلال صدور النتائج، إذ “لم يكن مدركاًَ”.
وفي الأيام التي أعقبت فوزه، ومع تدفق رسائل التهنئة من جميع أنحاء العالم أدرك تدريجياً أن قصته “تخطت كونها مجرد انتخابات بلدية في بلدة صغيرة”.
وساهمت أزمة الهجرة الكبرى في 2015 بصعود حزب البديل لألمانيا اليميني المتطرف الذي قاد حملة عدائية تجاه المهاجرين مكنته من الدخول بقوة إلى البرلمان بعد عامين.
علامة انفتاح
ورأى الشبل في فوزه على مرشحَين محليَّين آخرين ترعرعا في المنطقة علامة على “انفتاح” الناخبين. وقال “إنها علامة على أن الناس لم يأخذوا الأصل في الحسبان، بل المؤهلات. إنها علامة على الانفتاح على العالم”.
وينتمي والدا ريّان الشبل إلى الأقلية الدرزية في سوريا، ووالدته معلمة في مدرسة ووالده مهندس زراعي. أما هو فيُعرّف عن نفسه بأنه غير متديّن.
وعندما يتذكر البلد الذي غادره في العام 2015 تنتابه “مشاعر مختلطة” على حد تعبيره.
وقال، “إنه البلد الذي ولدت وترعرعت فيه، وحيث أمضيت طفولتي وشبابي، وحيث يوجد أصدقائي وعائلتي الكبيرة. وأفتقد الأشخاص الذين نشأت معهم” مضيفاً “لكنني سعيد لأن فرصة العيش هنا أتيحت لي، بينما لم يحظ بها آخرون”