وطنا اليوم:على نحو يفتح باب التساؤلات حول الأسباب، تشهد مخابز في مدينة إربد تراجعا في حجم مبيعاتها، وفي وقت قد يعتبر بـ “غير المنطقي”، لواحدة من أهم السلع الغذائية الأساسية والمطلوبة يوميا، تتقاطع فيه التعليلات بين أوضاع مالية وكثرة المخابز واعتماد البدائل وأخرى ذات صلة بسياسات التقشف والتقنين.
ما يثير الاستهجان، أن هذا التراجع لم يكن تدريجيا، إذ إن أصحاب مخابز قالوا إن “ضعف الإقبال على شراء الخبز كان واضحا خلال الشهر الماضي”، موضحين أن نسبة التراجع وصلت الى 25 %.
ويقسم معنيون بقطاع المخابز تراجع المبيعات خلال السنوات الماضية بشكل عام الى مرحلتين، ارتبطت إحداهما بقضية رفع الدعم عن الخبز وما تبعه من اعتماد غالبية الأسر لسياسة ترشيد الاستهلاك فيما الأخرى تعلقت بجائحة كورونا.
مع تقبل أصحاب القطاع لتراجعين سابقين على مرحلتين كانت أسبابهما واضحة ومنطقية، فإن انخفاضا جديدا على مبيعات الخبز وصل الى نسبة 25 % خلال الشهر الماضي وضع الأمور ضمن دائرة “البحث الأسباب”.
يقول صاحب مخبز فضل عدم نشر اسمه، إن مبيعات الشهر الماضي وتحديدا بعد انتهاء رمضان انخفضت بشكل ملموس، موضحا أن هذا الانخفاض بالمبيعات هو الثالث على التوالي خلال سنوات قليلة وهو ما يعني عدم قدرة العديد من المخابز على الاستمرار في حال بقيت المبيعات عند هذا المستوى الذي وصفه بـ “المتدني”.
وبين أنه اضطر الى الاستغناء عن 3 من الموظفين لديه، بعد ان أصبح العمل بالمخبز ضمن حده الأدنى وبات هو بنفسه يقوم بأعمال كان يوكلها الى الموظفين وذلك لتوفير بعض الكلف التشغيلية.
هذا الأمر يقره نقيب أصحاب المخابز في إقليم الشمال وصاحب مخبز آلي مهند الداغر والذي أكد أن حالة ركود تمر بها المخابز بعد شهر رمضان وعيد الفطر، مشيرا إلى انخفاض نسبة المبيعات الى 25 %.
ويتوقع الداغر أن تعود الحركة الى المخابز مع نهاية الشهر الحالي واستلام المواطنين لرواتبهم، رابطا بذلك أسباب تراجع المبيعات الى ما عانته غالبية الأسر نتيجة حجم الالتزامات خلال شهر رمضان وعيد الفطر.
وأشار إلى وجود ما يقارب 600 مخبز في إقليم الشمال ما بين آلي وحجري، لافتا إلى أن عدد العاملين في تلك المخابز يصل الى نحو 3 آلاف عامل، مؤكدا أن هذا العدد الكبير من المخابز أسهم أيضا بتراجع الحركة على بعض المخابز التي كانت سابقا تشهد تزاحما من قبل المواطنين على شراء الخبز.
وأكد الداغر توفير مادة الخبز الأساسية، وتقديمها بجودة عالية، مبينا التزام المخابز والعاملين فيها بشروط الصحة والسلامة العامة وبالقوانين والتعليمات الناظمة لعملهم.
الداغر الذي اعتبر أن الركود قد يكون مبررا قياسا لما أنفقه المواطنون خلال الشهر الماضي على التزامات رمضان والعيد وبالتالي فهو ركود مؤقت، يشير آخرون الى أن أوضاع المواطن المالية بشكل عام أثرت على مبيعات المخابز رغم اعتبار الخبز مادة أساسية وعادة لا ترتبط بزيادة نفقات الأسر على التزامات أخرى.
يقول نقيب أصحاب المخابز عبدالاله الحموي إن المواطن ونتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة بات لا يشتري إلا حاجته من الخبز حتى لا يضطر الى التخلص من الزائد، مشيرا الى أن هناك مواطنين يقومون بشراء خبز بأقل من ربع دينار.
وأضاف ان ارتفاع أعداد المخابز كان له دور ايضا في حالة الركود التي شهدتها المخابز، مما اضطرت وزارة الصناعة والتجارة الى وقف إعطاء تراخيص لفتح مخابز جديدة، لما له من تأثير على مخزون القمح.
وقال الحموي إن الوضع الاقتصادي للمواطن والقوى الشرائية والدخل وجائحة كورونا وما رافقها من إغلاقات في المعابر والمطارات كلها عوامل أسهمت بحالة الركود والكساد التي تشهدهما المخابز.
وأشار الى أن جائحة كورونا تسببت بعدم وجود سياح أجانب ومنعت عودة المغتربين الأردنيين، متأملا وبعد إلغاء أمر قانون الدفاع عودة الحياة الى طبيعتها وعودة المغتربين وزيادة عدد السياح القادمين والضيوف القادمين الى الأردن.
حمزة سلامة، واحد من كثر اضطروا إلى تقنين شراء مادة الخبز، بحيث يشتري الكمية المناسبة لاحتياجات أسرته اليومية دون أي زيادة.
فراس بطاينة هو الآخر يضطر إلى شراء ما معدله كيلو خبز يوميا وخصوصا أن أبناءه يعتمدون على أكل الأرز بشكل أكثر.
وأشار البطاينة إلى أنه يضطر إلى التقنين من شراء الخبز الأبيض بسبب جودته المتدنية وسرعان ما “يجف” بعد ساعات قليلة من شرائه وبالتالي يحاول شراء الكمية المناسبة التي لا تزيد عن حاجة أسرته، إضافة إلى أن سعر كيلو الخبز بات مرتفعا مقارنة بالسنوات الماضية بعد رفع الدعم عنه.
وأسهم وجود أنواع أخرى من الخبز الذي يستعمل لغايات التنحيف ويباع في السوبر ماركت في تراجع ولو بسيط على إقبال المواطنين على المخابز.
وأشار صاحب أحد المخابز في إربد براء محمد أن معظم المخابز الآلية في إربد باتت لا تعتمد على مبيعات الخبز في تسير أمورها وإنما أصبحت المخابز تعتمد على بيع بضائع أخرى وأصبحت أشبه بالسوبر ماركت، إضافة إلى وجود أصناف من الحلويات تباع داخل المخبز.
وأرجع حالة الركود التي تشهدها المخابز بمثل هذا الوقت من العام الى الأوضاع المالية للمواطن وحجم الإلتزامات الكبيرة التي رافقت شهر رمضان وعيد الفطر وغيرها من المناسبات، متأملا أن تعود الحركة نشاطها في الأسابيع المقبلة.
وأشار إلى أن ارتفاع أعداد المخابز في المحافظة أسهم أيضا بتراجع المبيعات وبات المواطن أمام خيارات كثيرة لشراء مادة الخبز من أي مخبز قريب، الأمر الذي أدى إلى زيادة العرض وانخفاض الطلب، مؤكدا أن الأوضاع ليست سيئة ولكنها مقبولة تحقق الحد الأدنى من الربح يمكن المخابز من الإيفاء بإلتزاماتها تجاه الموظفين والإيجارات الشهرية.
وأكد صاحب مخبز آخر أنه وبعد رفع الدعم عن الخبز منذ سنوات أصبح هناك تراجع واضح بمبيعات الخبز باستثناء فصل الشتاء الذي يزيد الطلب عليه، لافتا الى أن المواطن بات حريصا على عدم شراء كميات كبيرة من الخبز وإنما يقوم بشراء حاجته وبشكل يومي دون أي تخزين.
وأضاف أن العديد من المخابز تقوم بإتلاف مادة الخبز لعدم بيعها طيلة اليوم، الأمر الذي تسبب بخسائر مالية إضافية، فضلا عن أن المواطن يرفض شراء “الخبز الجافر”، مؤكدا أن المخابز باتت تعاني في ظل حالة الركود التي تشهدها.
ولفت إلى أن هناك بعض المخابز كان يستمر العمل فيها على مدار الساعة، فيما تضطر حاليا إلى الإغلاق منتصف الليل لتقنين من فاتورة الطاقة من جهة والاستغناء عن شفت آخر من الموظفين من جهة أخرى، مشيرا إلى أن هناك العديد من المخابز قامت بترخيص جزء من مساحتها للحلويات وأخرى بضائع ومواد تموينية من أجل القدرة على الاستمرار.
وأشار إلى ارتفاع تكاليف صناعة الخبز من عمالة وطحين وخميرة وملح دون أن يرافق ذلك أي زيادة في أسعار الخبز، مؤكدا تراجع طلبات المستهلكين على شراء الخبز بنسبة 25 % رغم الجودة العالية للخبز.
ويرى الخبير الاقتصادي مازن مرجي أن التنوع في الخبز أسهم بتعدد الخيارات أمام المواطنين فبات المواطن المقتدر يبحث عن أنواع أخرى لشرائها حتى ولو بسعر أعلى.
وأضاف مرجي أن القدرة الشرائية للمواطن تراجعت خلال السنوات الماضية وبات المواطن غير قادر على شراء احتياجاته من مادة الخبز وكثير من الفقراء باتوا في بعض الأحيان لا يجدون ثمن شراء كيلو الخبز.
وأشار الى أن هناك بدائل يمكن أن يلجأ إليها المواطن غير المقتدر كالمعلبات والأرز وغيرها في ظل ارتفاع سعر مادة الخبز بعد رفع الدعم عنها في السنوات الماضية.
بدوره، قال مدير الصناعة والتجارة في إربد المهندس عبد الحليم الجمرة أن كوادر المديرية تقوم باستمرار بجولات تفتيشية على المخابز للتأكد من توفر الخبز بجميع أنواعه الصغير والكبير، لافتا إلى أن المخبز وحسب الرخصة الممنوحة له يسمح ببيع مواد تموينية وحلويات وغيرها.