كتبت : رؤى هشام البناء_مع إشراقة كل صباح يقطع الطفل يوسف رشيد زريقات عدة كيلو مترات ليصل مدرسته شرق المدينة عابراً الموقع الأثري في جرش. ونصائح أمه ترن في أُذنيه: لا تُمعن النظر في نقوش التيجان فإنها نذير شُئم.
كانت هذه الكلمات تشكل حافزاً للدكتور يوسف رشيد زريقات من مواليد عام 1964 قرية السبطة غرب جرش و تدفعه لينصت لصدى التاريخ بين تثنيات أوراق الخرشوف التي تماهت بتيجان أعمدة جرش الكورنثية .
يقول زريقات هذا الموروث دفعه للوقوف على اطلال المدينة والتمعن بتفاصيلها وأيقظت في مخيلته آلاف القصص والحكايا حول تاريخ المدينة، وجعلته يغوص في المراجع والأبحاث لسَبْر مجهولاً طالما تاق لمعرفتها. وفيما يتعلق بالدراسة الجامعية يشير انه عندما كانت هذه المراجع بجلّها باللغة الانجليزية فقد توجه للدراسه في جامعة اليرموك ونال درجة البكالوريوس لغة انجليزية عام 1986 وواصل مشواره التعليمي بحصوله على ماجستير ادب انجليزي من السودان. نال أيضاً شهادة ماجستير سياحة من اسبانيا جامعة فالنسيا تخصص أدارة مواقع التراث العالمي. ويتابع انه كلما تعمق بدراسة التاريخ والآثار وجد ان اللغة الانجليزية وآدابها تشكل مفتاحاً للولوج للمراجع والبحوث العالمية بوقت لم تتوفر به محركات البحث الحديثة وبرامج الترجمة الفورية .
فقدم رسالة الدكتوراه حول (مناهج اللغة الانجليزية) في الجامعة العربية المفتوحة في الأردن.
وعزز دراسته بثلاثة شهادات دبلوم من دول مختلفة متخصصة بإدارة المشاريع السياحية والبيئية المستدامة وإدارة الغابات وكتابة الاستراتيجيات والخطط الإدارية.
ويضيف زريقات عن بداية حياته العملية أنه كان لا بد من دعم الشهادة الاكاديمية بمهارات ميدانية وخبرات إضافية من خلال توجهه لاخذ عدد من الدورات منها مهارات كسب الرأي والتأييد ومهارات القيادة ودورة الأدلاء السياحيين. وبهدف نقل الصورة المشرقة للأردن ولصقل خبراته فقد عمل دليلاً سياحياً متخصصاً بجميع مناطق المملكة ورئيساً للجمعية الأردنية لتنيمة وتطوير الارث الحضاري وامين سر لجمعية اعلاميون وخبراء من اجل السياحة البيئية وأسس مركز دراسات العهد القديم لدراسات السياحة والتاريخ.
ويبين ان هذه الخبرات أسهمت بأن يكون مديراً لمشروع برنامج المجتمعات المحلية في تركيا والأردن وكلف بتأسيس وإدارة برنامج التنمية المستدامة وعدد من البرامج الاقتصادية والاجتماعية.
ويضيف زريقات من خلال توجيهه لتطوير العمل السياحي وبعد عمله مديراً لمحمية غابات دبين فقد سعى لإستحداث مسارات سياحية تهيىء للسائح فرصة التجول في مناطق المحافظة كاملة حيث وجد آذاناً صاغية في وزارة السياحة والاثار فعين مستشاراً للوزارة ومديراً للفريق الوطني للمسارات السياحية التي ستسهم بأستحداث نقاطاً جاذبة للسياحة المحلية والعالمية .
ويتابع في حديثه انه تم تعينه مديراً لمحمية المأوى في جرش التي تشكل مساراً منفردا لا تجد له شبيهاً في الشرق الأوسط، حيث تحتظن عدداً كبيراً من الحيوانات المفترسة و تشكل مأوى للطيور المختلفة .
ويوضح زريقات مع انطلاقة برنامج اللامركزية والحكم المحلي وجد انه لا بد من الأنخراط بالعمل المجتمعي من خلال الترشح لإنتخابات مجلس محافظة جرش حيث سعى من خلال المجلس لتطوير العمل في مجالات لجنة السياحة ولجنة الأشغال واللجنة المالية .
ويرى زريقات ان دراسة تاريخ الحضارات التي تعاقبت على الأردن كانت بمثابة قصة عشق لا يمل من روياتها . فقد اعد عشرات الدراسات والبحوث حول عدد كبير من المواقع الأثرية في الأردن وبعض دول الجوار تحقق فيها من روايات العهد القديم والكاتب المؤرخ فلافيوس الذي وثق تاريخ الامبراطورية الرومانية. ويأمل ايضا ان يحقق من خلال دراساته وبحوثه توثيق تاريخ المنطقة بشفافية وحيادية للوقوف بوجه التزوير الذي يطال تاريخ المنطقة، وأهمية اثبات تجذّر الانسان العربي بالمكان فتعاقب الحضارات غيّر أسلوب الحياة لكن السكان هم السكان.
ويختم زريقات بالقول ان التاريخ الذي خلد المهندس زبيداس واضع مخططات مدينة جرش الأثرية والذي ذكرته عدة نقوش اهمها ثريا معبد زيوس ،وعالم الرياضيات الجرشي نيقاماخوس الجيراسي الذي ظلت كتبه تدرس في العصور الوسطى ما هي إلا دليل على ان الانسان العربي متجذر في أرضه ، فهذه الاثار هي عربية ونفذها اهل الارض من العرب بتصاميم تخضع لذوق الامبراطورية الرومانية المحتلة للمشرق العربي .
بقي ان نشير الى ان الدكتور يوسف رشيد زريقات اصبح يشكل مرجعاً لكل المهتميين والباحثين لمعرفة اي تسلسل تاريخي او رواية وردت بمختلف الكتب للتحقق منها، فغدا كالنهر الغزير متدفقاً بعلمه ومعلوماته .