فلسطينيون وسوريون ولبنانيون.. ارتفاع حاد في حصيلة ضحايا زورق المهاجرين

23 سبتمبر 2022
فلسطينيون وسوريون ولبنانيون.. ارتفاع حاد في حصيلة ضحايا زورق المهاجرين

وطنا اليوم:هزّت حادثة غرق زورق لبناني على متنه مهاجرون غير نظاميين، قبالة السواحل السورية الرأي العام وخلّفت حالة من الأسى والحزن والغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة مع ارتفاع حصيلة الضحايا، ليتجاوز عدد الذين لقوا مصرعهم أكثر من 77 شخصا.
وبدأ العثور على جثث في البحر قبالة ساحل طرطوس بعد ظهر أمس الخميس، ولم توضح السلطات السورية بعد ماذا حدث لزورق المهاجرين، وأغلبهم من اللبنانيين وفلسطينيون واللاجئين السوريين.
قال وزير النقل اللبناني علي حمية لرويترز، الجمعة، إنه تم انتشال الجثث قبالة سواحل سوريا، إثر غرق قارب للمهاجرين أبحر من لبنان.
وبدأت السلطات السورية في العثور على جثث في البحر قبالة ساحل طرطوس بعد ظهر الخميس. ولم توضح السلطات بعد ماذا حدث للقارب.
ومع توقف جهود الإنقاذ خلال ساعات الليل بسبب ظروف جوية غير مواتية، من بينها ارتفاع الأمواج، يواصل المتابعون للحادثة التفاعل والتعليق في حالة من الحزن والأسى.

مأساة جديدة
وعلى منصات التواصل الاجتماعي في لبنان وسوريا أكد الناشطون والمتابعون أن الفقر والجوع وراء حادثة الغرق، واصفين هذه الحادثة بـ” المأساة الجديدة” التي تدمي القلب قهرا، مستخدمين وسم #زورق_ الموت في تدويناتهم وتغريداتهم.
وانتشرت على الشبكات صور ومقاطع الفيديوهات التي توثق حالات الغرق، وتداول المتابعون على نطاق واسع مقطعا يظهر مجموعة من الجثث تطفو على سطح البحر تتقاذفها الأمواج.
وتناقل المتابعون مقطع فيديو نشرته جريدة الوطن الموالية للنظام السوري يوثّق عمليات البحث للطيران المروحي فوق بحر طرطوس، مساء أمس الخميس.
كما انتشرت منذ الصباح صور لما قيل إنها سواحل طرطوس، حيث تظهر أغراض وملابس وأحذية وحقائب صغيرة، يبدو أنها تعود للمهاجرين، في حين بدأ نشر صور جنازات الغرقى يتزايد.

أسباب ولوم
واتفق عدد من المعلقين على أن ظروف الحياة الصعبة وانسداد الأفق دفع هؤلاء لركوب البحر بحثا عن حياة أفضل، وألقوا باللوم على السلطات والحكومات التي لم توفّر لهم الحد الأدنى للعيش بكرامة في بلدانهم.
وألقى آخرون باللوم على الحرب في سوريا وما خلفته من دمار وشتات لملايين السوريين الذين شردوا وقتلوا ومات بعضهم في رحلتهم للنجاة من واقعهم الأليم.
وفي المقابل، انتقد آخرون المجازفة واتخاذ قرار الإبحار في “قوارب الموت” دون الخوف من العواقب، خاصة مع تكرر حالات الموت غرقا في البحر.
وفي تصريح له لصالح قناة الجديد اللبنانية، قال وزير النقل اللبناني علي حمية “الزورق الذي غرق قبالة طرطوس خشبي وصغير جدا ووصل إلى لبنان منذ شهرين”.
وتابع “بناء على المعطيات من أحد الناجين وفق ما أخبرني وزير النقل السوري فإن عدد من كانوا على الزورق يفوق الـ120 شخصا”.

مأساة وتعليقات
وتعليقا على الحادثة، غرّد النائب اللبناني مارك ضو على الحادثة قائلا “البحر تحول إلى منصة محورية لهجرة غير شرعية لمواطنين يحاولون الهرب من واقعهم الأليم، في ظل التقاعس والتجاهل بتحمّل المسؤولية واستمرار النهج المافياوي التدميري”، وفق وصفه.
وأضاف “زوارق الموت تكشف المزيد من مآسي اليائسين والهاربين والغارقين في الأزمات المتراكمة نتيجة سيطرة منظومة الموت. لن تستقيم الأمور إلا في انتظام الدولة ومؤسساتها”.
أما النائب اللبناني حسن مراد فقال “مرة جديدة تسرق مراكب الموت خيرة شبابنا وزهرة أطفالنا، وتدفع طرابلس الحبيبة ثمن الحرمان والفساد.. اليوم سرق البحر عشرات الأبرياء الهاربين من الفقر والجوع الذي أرغموا عليه ولم نسمع مسؤولا تحرك أو حاسب. رحم الله الضحايا وألهم ذويهم واللبنانيين الصبر على هذا البلاء السياسي”.
من جانبه، كتب الصحفي ثائر عباس “نحن قوم نلفظ أولادنا في البحر والبر والجو قاسمهم المشترك يأس مقيم وحاجة ملحة للهرب”.
أما الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني ياسر الزعاترة فقد قال في تغريدة له “من جديد يأخذ البحر نصيبه من أرواح أبنائنا (..) أي بؤس هذا الذي يطاردنا، ويدفع أبناءنا إلى البحث عن حياة في الفضاء البعيد؟ يا لبشاعة من حوّلوا ربيع شعوبنا إلى موت ودمار”.
في حين عبّر الصحفي السوري المعارض سعيد اليوسف عن قهره، معتبرا أن السوريين الذي فروا هربا من نظام الرئيس بشار الأسد وقبلوا بالتهجير والتشريد، ماتوا اليوم أمام سواحل طرطوس، وكأن الموت أرحم من البقاء على قيد الحياة.

أزمات وتداعيات
ولبنان الذي يبلغ عدد سكانه 4.5 ملايين نسمة، يستضيف 1.5 مليون لاجئ سوري فرّوا من الحرب التي تعصف ببلدهم منذ أكثر من 10 سنوات. إضافة إلى ذلك يعيش عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، غالبيتهم في 12 مخيما.
ووفقا للبنك الدولي، يمر لبنان منذ 2019 بواحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية على الصعيد الدولي منذ عام 1850، سببها سوء الإدارة وفساد الطبقة الحاكمة التي ظلت دون تغيير تقريبا لعقود.
وفي ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، تضاعف عدد المهاجرين الذين يحاولون الفرار بحرا وغالبا ما تكون وجهتهم جزيرة قبرص.
وفي أبريل/ نيسان الماضي، أسفر غرق مركب يحمل مهاجرين قبالة طرابلس (شمال) عن مصرع 6 منهم وأثار استياء شديدا في البلد المتأزم