أحفادُ تأبط شراً

19 أغسطس 2022
أحفادُ تأبط شراً

د. نعيم الملكاوي

لكل عصر صعاليكه و لكل صعلوك قصته و المتبحر يكاد لا يستطيع مخالفة هواه بالإعجاب الشديد بذلك الصعلوك الذي تَسمى بجملة فعلية “تأبط شراً ” ثابت بن جابر الفهمي ، هذا الرجل الذي سارت بمغامراته الركبان فتأبط كل ما تطاله يداه واحتضنه تحت إبطه لا يهم  إن كان كبشاً ، غولاً ، أفاعي وحتى سيفه ، المهم أنه يتأبط كل ذلك أو بعضه بحرص و بدفاع مستميت عن فريسته التي حازها في خلسة من الحي وصناديده …
ما أشبه حالنا اليوم بعصر ثابت ، فكلُ من يتعاقبون على إدارة دِفاف مراكبنا تأبطوا كل الشرور و امتازوا بحمل خيرات الوطن تحت إبطهم ، فهذا حاملٌ لملف الطاقة بكل تفاصيله ومكوناته ، وذاك حاملٌ لملف الزراعة والمياه ، والأخر يحمل ملفات المصادر الطبيعية ، وبقية البقية يطبقون الحصار على كافة المساعدات و الهبات و المنح الممنهجة وغير الممنهجة ، أما ثلة الثلة من الآخرين فيحملون ملف التعليم و التجهيل و أبناءهم و أحفادهم يحملون بقية الملفات موزعة عليهم حسب أدوارهم في نهبها وسلبها أو طمسها وإخفاء نتائج فوائدها كأنهم وكلاء الرب أو سدنة المعبد .
اتساءل عارفًا ألن يأتي على هؤلاء يوماً ويخجلون من أنفسهم ؟
ويرفعون أيديهم في الهواء لتتساقط تلك الملفات بخيراتها ونِعَمها على تراب الوطن المجدب لينعم به أحقاقها ، أم أنهم مُكِنوا من كل شيء في غفلة من النواطير و استملكوا رقبة الوطن وأصبح عارٌ عليهم أن يكفوا أيديهم ، فهذا إرث آبائهم وما اكتنزوه من ماضٍ و جوائز أبنائهم في مستقبل لا رجم فيه و لا تحويل .
وانت يا صاحب الحق لما تصمت ؟
فالحق يصيح وراعيه يستنجد على من تأبطوا الوطن تحت إبطهم النتن ،
حتى خوفك على الوطن أهدروه وانتمائك جيروه وولائك إنتهكوه بكرة و أصيلا
أين أنتم من إبنة الصديق حين أطلقتها قولة لكل متخاذل هارب ولا يضيرُ الشاة سلخها بعد ذبحها …..
و هل هناك أَجمَلُ و أسهلُ من مَوتِ المَرءِ إِذ كانَ مَيِّـــــــتاً  ؟ ؟ ؟