شعر أبوعربي إبراهيم أبوقديري
كان الكبارُ على الشدائدِ بلسما
وبهم زمانُ المكرماتِ ترنّما
رحمَ الإلهُ شيوخَنا وجدودَنا
لا زال حيّاً ذكرُهم بلغ السما
اللهُ يرحمُهم بما قد أسّسُوا
للناسِ نهجاً في الحياةِ ومَعْلَما
كانوا المنارةَ كالجبالِ رُسُوخُها
وتَسُوسُ مُجتمَعَ الوِئَامِ مُكَرَّما
* * *
واليومَ يغتالُ الوجاهةَ مُدَّعٍ
عجباً فهل حدُّ السيوفِ تثلَّما
كمْ من جهولٍ باتَ في أوهامِهِ
أعمى ويستجدي العيونَ من العمى
قزمٌ ونصّبَ نفسَهُ صنماً
هل ينحرون ببابِهِ الغنما
ورأى صغاراً جاثمينَ أمامَهُ
دارتْ برأسٍ فاستوى هَرَما
بل راحَ يأملُ أن يطوفُوا حولَهُ
فلقد تألَّهَ إذْ سِواهُ تقزَّما
ورُؤَاهُ من نَسْجِ الخيالِ خُيُوطُها
إلّا إذا زعمَ النُّبُوَّةَ مُلْهَما
أَ يُنارعُ اللهَ الجليلَ جلالَهُ
سُبحانَكَ اللهُمَّ ربَّاً مُنْعِما
والسّاذجونَ المُعْدَمُونَ لِجَهْلِهِمْ
مثلُ الذُّبابِ على الفُتاتِ تَرنَّما
يَسْتَمْطِرونَ سَحابةً كذَّابةً
هل يرتوي الظّمآنُ إنْ شربَ الظّما
والمرءُ إنْ ألغى وظيفةَ عقلِهِ
وأجازَهُ عبدَ العُجولَ تَوَهُّما
كم قد تنافخَ بالوجاهةِ مُدَّعٍ
ومُزَيَّفٌ فحذارِ أن تتوهّما
ويُصَعِّرُ الخدّينِ تِيهاً فارغاً
مُتَعاظِماً مُتَعَجْرِفاً مُتَفَخِّما
هَرَمٌ من الكرتونِ لا تَتَوهَّمُوا
فَلْيَصْحُ من أمسى بهِ مُتَوهِّما
ومصادِرُ الإنفاقِ لُغْزٌ غامِضٌ
فلَرُبَّما ولربما ولربما
إذْ كيف يحيا البذخَ هذا كلَّهُ
وبِلا مواردَ عاطِلاً مُتَنَعِّما
اطْرُقْ بِزِنْدِكَ بابَ رزقِكَ واثِقاً
مُسْتَعْصِماً باللهِ ربَّاً مُنْعِما
* *. *
كانت أصالتُنا نِظامَ حياتِنا
دستورَنا نحوَ المكارمِ مَعْلَما
حيثُ الوجاهةُ معدنٌ وأصالةٌ
تَسْرِي شعوراً بالكرامةِ أو دما
كم من وجيهٍ كان مفتاحَ الهُدى
والحلِّ إنْ ليلُ المصائبِ أظلما
كان السِّياجَ إلى الفضائلِ كُلِّها
يعتَدُّ إطفاءَ المصائبِ مَغْنَما
شهماً كريماً نخوةً وجراءَةً
يُؤْوِي الدّخيلَ ويُطعِمُ المُتَيَتِّما
ويُكابِدُ الأعباءَ لا يبغي سِوى
إصلاح ذاتِ البينِ سِلْماً للحِمى
وا حسرتاهُ على وجوهٍ قد مضَوْا
كان الوجيهُ إلى المكارمِ سُلَّما
واليومَ أشباهُ الوجوهِ تكاثروا
قزمٌ صغيرٌ يمتطي قزما
*. *. *
لكنَّ خيرَ اللهِ باقٍِ بيننا
والشعبُ يبقى للرجولةِ مَنْجَما
يزهو بفرسانِ الرجالِ مهابةً
وكرامةً وعزيمةً وتقدُّما
في خدمةِ الأوطانِ يروي جذرَنا
ماءُ الفضيلةِ بالمكارمِ مُفْعَما
تقوى وإرثٌ خالدٌ وأصالةٌ
وخميرةُ الأجدادِ حتى نَنْعَما
وغداً بعونِ اللهِ فجرٌ قادمٌ
يلدُ الضُّحى مُستقبَلاً مُتبسِّما
إرثُ الجدودِ الخالدينَ كنخلةٍ
حملتْ لنا من كلِّ نبضٍ بُرعُما