جلول البلدة والتل الأثري

1 يوليو 2022
جلول البلدة والتل الأثري

كتب عالم الاثار ورئيس جامعة اليرموك السابق أ.د زيدان كفافي حول تاريخ بلدة جلول وقال الكفافي في حديث نشره عبر وطنا اليوم :

تبعد بلدة جلول حوالي 5 كيلومتراً إلى الشرق من مدينة مادبا، وتسكنها قبيلة بني صخر/ عشيرة الزبن منذ تأسيس البلدة. وأسست البلدة فوق سهول خصبة وصالحة للزراعة (خاصة الحبوب)، وتتوسط منطقتي الجبال والبوادي. أما التل الأثري فيعدّ من أضخم التلال في وسط الأردن، إذ تبلغ أبعاده 300م في 240م. زار البلدة وتلَّها الرحالة والمستكشفون منذ بداية القرن التاسع عشر ،مثل، أولريش ستزن 1805-1807م، ويوهان لودفيغ بيركهاردت في 1812م، ، وجيمس سيلك بكنغهام في 1816م. كما تابع زيارتها ووصفها الرحالة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، مثل، هنري بيكر ترسترام 1872م، وغوتليب شوماخر 1891م، وألويس موزيل 1896م.

واضاف كفافي ، بدأت بعثة أثرية من جامعة أندروز الأمريكية في النصف الثاني  (1969م) من ستينيات القرن الماضي التنقيب في تل حسبان الأثري وعمل مسوحات أثرية تجوب المنطقة المحيطة بها (سهول مادبا) بحثاً عن مواقع أثرية أخرى وتسجيلها وتوقيعها على الخريطة الأثرية. وبناء عليه وفي عام 1976م قام فريق المسح الأثرية بقيادة روبرت أيبك بزيارة الموقع وتسجيله وتوثيقه، وقد عدّه واحداً من المواقع الأثرية الرئيسة في المنطقة.

 بعد فشل الفريق الأمريكي في العثور على بقايا أثرية في تل حسبان تدل على وجود مدينة “حشبون” الأثرية، والتي تذكر التوراة أنها كانت عاصمة للملك الأموري سيحون، وكيف أنهم انتصروا عليه واحتلوها منه، شكّلت جامعة أندروز (Saint Andrews University)ووجامعة لا سيرّا ( La Seirra University in Riverside, California )مشروعاً جديداً أسمته “مشروع سهول مادبا Madaba Plains Project”، وبدأت التنقيب في تل العميري (منطقة اليادودة، على طريق مطار الملكة علياء)، كما قامت البعثة في عام 1992م بالبدء في التنقيب بتل جلول، بعد أن حصلت البعثة في عم 1984م على تصريح من دائرة الآثار العامة الأردنية بالعمل. ومن الواجب ذكره، أن جميع هذه الأعمال الأثرية تتم بالتعاون مع دائرة الآثار العامة الأردنية، وبإشرافها. وقد دلت نتائج الحفريات الأثرية على أن المنطقة وخاصة التل كان مأهولاً بالناس اعتباراً من العصور البرونزية المبكرة وحتى الحاضر، أي على ما يزيد عن الخمسة آلاف عام. 

ولجلول البلدة والأهل مكان في القلب لا يعرف سببه إلاّ المقربون. عندما دخلت جلول قبل عدة أيام تنسمت فيها رائحة وعبق الزمان الجميل، تنظر في الأفق وتقرأ أنهم كانوا هنا وهناك، زرعوا أعمدة مضاربهم في أرضها الطهور، تنتج غلالاً وحباً تطعم أهلها ومن جاء إليها قاصداً الرزق. جميلة جلول بشيوخها وأهلها، قريتها القديمة تزف إليك أخبار من مضوا عنها، تقرأ على حجارتها، وقبور شيوخها وأهلها تاريخ الماضي. 

تل جلول يقول أنهم وإن قضوا فهم لا يزالون في الأرض صامدون. ما أجمل مبانيها القديمة، عرف أهلها زراعة الأرض، وربوا الحلال، وعرفوا قبل حوالي ثلاثة آلاف عام كيفية سحب المياه وتخزينها بخزانات مائية كبيرة. لا زال تل جلول يخبأ الكثير من المعلومات حول حضارتها، واهم من يعتقد أن أهل جلول كانوا في الماضي البعيد بعيدون عن الحضارة. إن تل جلول ينادي بأعلى صوته أنظروا الى جوفي وما يوجد به لتعلموا أن أهلي أهل حضر وبادية في الوقت نفسه، مستقرون على الدوام في هذه البقعة.

إن كنت لا تصدقني ما ذكرته حول جلول البلدة والتل فاذهب وزرها، هي تحكي لك قصتها. سمعتها تشكو من أنها لا تنال اهتماماً لتطويرها للأغراض السياحية، لتضيف إلى رأس مالها الزراعي والحيواني، مصدر دخل جديد. حزين أنها مهملة مهدمة، لكن أين هم أبنائها أصحاب  النخوة والهمم. إليك يا جلول أزف نبأ أن “سبل” قررت أن تزرع حباً لتنبت جلول من جديد. سلاماً على جلول وحتمل وعكاش ومن سكن بها يوماً…