لو أصبحتُ .. رئيساً للوزراء .. لو !؟

30 يونيو 2022
لو أصبحتُ .. رئيساً للوزراء .. لو !؟

دعونا نقيس على تصرفات الرئيس  .  ليش هالفزعة يا حكومات الفزعات ، سطحية الأداء ، عديمة الإنجاز . يا حكومات الترهل . يا حكومات الواسطات والمحسوبيات . يا حكومات الفساد والإفساد  . هل في  ذهابكم  مسرعين  الى  العقبة الحزينة ، المُبتلاة بكم ، مَنعت الكارثة من الوقوع !؟ هل أعدت الحياة للضحايا  !؟  خلص وقعت الكارثة ، ومات من مات ، وحصل الدمار . وسيصنف ميناء العقبة بأنه غير آمن دولياً . وستتحول السفن الى موانيء فلسطين المحتلة  .

حكومات غير منتمية للوطن ، سطحية الأداء ، متواضعة القدرات ، جُل رؤسائها وأعضائها ليسوا بمستوى إدارة وطن . والله ثم والله ان الكثيرين من الرؤساء والوزراء السابقون والحاليون لا يؤتمنون على ان يسرحوا في عنز (( دحيوية )) واحدة .

كُنت مديراً عاماً ل (( ٦ )) شركات خاصة ولمدة (( ١٢ )) عاماً ، في ابوظبي الحبيبة ، يملكها شيخاً إماراتياً جليلاً  متفرداً  في أخلاقهِ ، وتَديُّنهِ  ، وعِلمهِ ، حيث انه درس الإقتصاد في أمريكا . يُشرفني طبعاً ان أَذكر إسمه ، لكنني أعرف انه لا يُحبذ  ذلك . قد تستغربون إحدى مُتابعاته  !؟ كان يتابع التشييك في الوكالة ، وتغيير إطارات سيارة المدير العام  كل ستة شهور ، وتذمرت من هذا الاهتمام وكُلفتهِ  — لانه كان ينتقي أغلى وأجود انواع الإطارات  — وعندما كُنت (( أطنش )) كان يتصل في سكرتيرتي ، ويطلب منها تكليف سائقي  بإدخال سيارتي للوكالة للتشييك وتبديل إطاراتها . وعندما فاتحته في الموضوع ، رد عليّ بجملة أذهلتني ، حيث قال : أنه غير مستعدٍ للمجازفة في حياتي أنا مقابل بضعة آلاف سنوياً . تصوروا يا حكومات الغفلة !؟

أهم أسباب الكوارث  هو غياب الحصافة في الادارة بمنع الكوارث قبل وقوعها . انا ارى انه بعد ان وصلنا الى هذا الدرك الاسفل من الإهمال على الشعب كجماعات ومنظمات مجتمع مدني محاسبة المسؤولين الذين يقترفون جرائم كهذه ، لعلنا نصل الى ان يعزف المسؤول غير الكفؤ عن إعتلاء مناصب قيادية . وهذا يذكرني في قصة شابين يتباهيان بمكانة والديهما الإجتماعية ، فقال أحدهما :- انا والدي يجبر المكسور ، ويُعدِّل المايلة (( لمّا)) تميل . وقال الثاني : أنا والدي يحل المشكلة قبل حدوث الكسر ويُعدِّل المايلة (( قبل )) ما تميل .

ماذا فعلت بذهابك للعقبة !؟ انت لم تُعدِّل المايلة (( قبل )) ما تميل ، ولا عَدَّلت المايلة (( بعد )) ما مالت . هل تتجرأ وتلتقي بأهالي المتوفين !؟ وهل تلتقي بالمصابين !؟ وماذا ستقول لهم !؟   أُذكِرك ،  هل إطلع الشعب على نتائج التحقيق في يومي إطفاء الكهرباء ومعرفة اسبابهما ومعاقبة المقصرين !؟ .. وهل .. وهل !؟ عند كل كارثة وطنية تشكل لها لجان ولا تفضي الى نتائج .

بما ان رؤساء الوزارات عندنا لا يُسمح لهم بالتدخل في الشؤون الخارجية ، والداخلية ، والعسكرية ، والأمنية ، وعليه لا يتبقَ للرؤساء الا الشؤون الخدمية ، فلماذا لا يُحسِّنوا الأداء ، ويُجوِّدوا الخدمات !؟

لذلك لو أصبحت رئيساً للوزراء لركزت جهودي على الشأن الخدمي ، ولتابعت بشكل دوري ، ولقمت بزيارات ميدانية مُفاجأة ، وليست استعراضية للكثير من الأماكن ، وسأذكر بعضاً مما سأقوم به ، على سبيل المثال  : — ١ ) ) أعتبر ان رأس النقب وراس منيف بؤرتين خطيرتين مرورياً ، خاصة في فصل الشتاء ، ولتابعت إجراء تحسينات عليهما للتقليل من خطورتهما .  ٢ )) بما ان العقبة منفذنا البحري  وميناؤنا الوحيد ويوجد بها صناعات ، ومناولات لمواد خطيرة لتابعت إجراءات السلامة بصرامة شديدة ، وبشكلٍ دوري . ٣ )) لتابعت المخزون الإستراتيجي للمواد الأساسية بتقرير شهري ، مع زيارات ميدانية للتأكد من جودة  التخزين  . ٤ )) لتابعت أسباب تكدس القضايا في المحاكم ، وتأخر الفصل فيها بتقرير نصف سنوي وطوّرت الإجراءات لإختصار  مدة التقاضي . ٥ )) لطلبت تقريراً نصف سنوي عن حصة الطبيب من المرضى الذين يعالجهم يومياً وعملت على تقليص العدد لتجويد الخدمة الطبية . ٦ )) لتابعت مخزون الأدوية ، وحلّ مشكلة عدم توفر بعضها . ٧ )) لتابعت الشأن المائي وطوّرت الإستعدادات ، والبحث عن حلول تدريجية . ٨)) لوجدت حلولاً لأسباب تردي مستوى تنفيذ مشاريع  الطرق .  ٩ )) لتابعت أسباب إرتفاع اسعار الكهرباء ، وتفاوضت مع المستغلين لخفض السعر مقابل زيادة مدة العقود للتخفيف على المواطنين .  ١٠ )) لتفاوضت مع العدو الصهيوني لزيادة المياة المتدفقة من نهر الأردن الى البحر الميت  — خارج اتفاقية العار في وادي عربة — وإقناع العدو بان هناك ضرراً ينعكس على الطرفين فيما لو جَفَّ البحر الميت . ١١ )) لعملت على إستغلال مياة سد الوحدة لزراعة نباتات تتحمل الملوحة . ١٢ ))  لعملت على إيجاد حلول جذرية  لحل الإختناقات المرورية ، وطوّرت المواصلات العامة ، ونظمّتها ، لدرجة يستغني الموظف البسيط عن ضرورة إمتلاك سيارة خاصة وهو غير قادر على ثمنها ولا كُلفة إصلاحها  ولا بنزينها وهيأت الظروف ليصل عمله بيسر وسهولة وتخلصت من الإختناقات المرورية ، بتقليل عدد السيارات الخصوصية . ١٣ )) لفرطت مستشفى البشير الى عدة مستشفيات لخدمة مناطق أخرى عديدة ، وخففت الإزدحام في المنطقة والمستشفى . ١٤ )) لتخلصت من الهيئات المستقلة غير الضرورية ، وأنقذت الموازنة العامة . ١٥ )) لطلبت من وزارة الشؤون الإجتماعية تقريراً نصف سنوي عن نسبة من نجحت الوزارة في تحويلهم من طالبي معونة ، الى مُنتجين ، وعليها أقيس نجاح الوزير . ١٦ )) لطلبت من البنوك زيادة مدة القروض للمقترضين لغايات شراء مساكن  ليقارب القسط ثمن الأجرة التي يدفعها لحث المواطنين على تملك بيوت لهم .

يا رئيس الوزراء ، لتعلم أنك لست أنت الذي سيعمل  كل هذا ، لتستكثر المهمات ، أبداً ، الكوادر المتخصصة  هي التي تقوم بكل ذلك ، وتُنجز كل ذلك ، اذا وجدوك صارماً ، ونزيها ، ومتابعا دقيقاً .  فتنهض بوطنك وتصبح رمزاً وطنياً . وتتجه الكوادر للعمل والإنجاز للتقرب منك ، بدل التزلف ، والتملق . بإتباع هكذا نهج ، يكون دورك يشبه دور المايسترو في الفِرقة الموسيقية ، يُنظّم ويُنسق ، ويوجه العازفين ، ويُنتج مقطوعة موسيقية جميلة ، دون ان يعزف هو على أية آلة موسيقية .

أُشبه وضعك الآن بالرجل الفوضوي الذي ينثر ملابسه في كل زاويا بيته . وعندما يود ان يتجهز ويلبس للخروج يسمع صراخه كل الجيران وهو يصرخ على زوجته اين القميص الفلاني والجوارب ذات اللون كذا .. بينما لو تعود ان يُرتب أشيائه كل في مكانه لوفر الوقت والصياح وراحة الأعصاب له ولزوجتة . فالمتابعة والترتيب والنظام يوفر الوقت ويُحسّن الأداء ويُجنب الكوارث العائلية كما الكوارث الوطنية .