قراءة دستورية للجلسة المشتركة بين مجلسي النواب والأعيان

11 مايو 2022
قراءة دستورية للجلسة المشتركة بين مجلسي النواب والأعيان

المحامي د. مهند صالح الطراونة

تجتمع السلطة التشريعية بغرفتيها الأعيان والنواب برئاسة رئيس مجلس الأعيان صباح غدٍ الخميس الموافق 12 مايو 2022 إستجابة لإستحقاق دستوري يحتم اجتماع مشترك بين المجلسين بغية بحث المواد المختلفة بشأن مشروع قانون معدل لقانون الهيئة المستقلة للإنتخاب لسنة 2022 بخصوص المادة (1) من مشروع القانون المعدل موضوع الخلاف ، و بحث مشروع قانون معدل لقانون منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة لسنة 2022 بخصوص المادة (5) من مشروع القانون المعدل للمادة (42) من القانون الأصلي موضع الخلاف .
وبعد الاطلاع على دستور المملكة الأردنية الهاشمية، وعلى النظام الداخلي لمجلس الأعيان لسنة 1998م، والنظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2013، وعلى قرارات مجلسي الأعيان والنواب بشأن مشروعات القوانين متقدمة الذكر ونخص بالتحليل والرأي المادة الأولى محل الخلاف من مشروع قانون معدل لقانون الهيئة المستقلة للإنتخاب لسنة 2022 يتبين الآتي:
أولا: في الإجراء :
ناقش مجلس النواب مشروع القانون، وبعد اطلاعه على تقرير اللجنة القانونية، وما انتهت إليه من توصيات، وإذ وافق مجلس النواب على مشروع القانون من حيث المبدأ، بعد مناقشة مواده مادة مادة، وقرر الموافقة على المشروع، بصفة نهائية مع إجراء بعض التعديل منها المادة الأولى من المشروع القانون محل الخلاف بين المجلسين واحالته إلى مجلس الأعيان عملاً بأحكام المواد (75، 76، 78) من النظام الداخلي لمجلس النواب

ناقش مجلس الأعيان مشروع القانون من حيث المبدأ، وبعد اطلاعه على قرار مجلس النواب بالموافقة عليه بعد إجراء التعديلات بما فيها المادة الأولى من مشروع القانون محل الخلاف، واطلاعه على تقرير اللجنة القانونية في مجلس النواب، وما انتهت إليه من توصيات ، وانتهى إلى عدم الموافقة على التعديل الوارد من مجلس النواب بشأن المادة الأولى محل الخلاف وعليه يكون النص مقبولا كما ورد من الحكومة وإعادته إلى مجلس النواب وذلك عملا بأحكام المادة (49 )من النظام الداخلي لمجلس الأعيان .
صوت مجلس النواب عند مناقشة مشروع القانون على الإصرار على قرار المجلس السابق ،و أصر مجلس الأعيان على مخالفة قرار مجلس النواب كما أعيد إليه

ولمزيد من التوضيح، نعرض للنصوص الدستورية والقانونية ذات الصلة، ثم نتبع ذلك بالإشارة إلى دستورية الإجراءات المتبعة للجلسة المشتركة بين المجلسين وموضوع الخلاف بين المجلسين ثم الراي بشأنه، وذلك كما يلي:

ثانيا: في النصوص الدستورية القانونية :
تنص المادة (76/2) من الدستور على أن: ” تنشأ بقانون هيئة مستقلة يناط بها:-أ.إدارة الانتخابات النيابية والبلدية وأي انتخابات عامة وفقا لأحكام القانون ولمجلس الوزراء تكليف الهيئة المستقلة بإدارة أي انتخابات أخرى أو الاشراف عليها بناء على طلب الجهة المخولة قانونا بإجراء تلك الانتخابات.ب.النظر في طلبات تأسيس الأحزاب السياسية ومتابعة شؤونها وفقاً لأحكام القانون.”
تنص المادة (92) من الدستور على أن: “١. إذا رفض أحد المجلسين مشروع أي قانون مرتين وقبله المجلس الآخر معدلاً أو غير معدل يجتمع المجلسان فـي جلسة مشتركة برئاسة رئيس مجلس الأعيان لبحث المواد المختلف فـيها ويشترط لقبول المشروع أن يصدر قرار المجلس المشترك بأكثرية ثلثي الأعضاء الحاضرين وعندما يرفض المشروع بالصورة المبينة آنفاً لا يقدم مرة ثانية إلى المجلس فـي الدورة نفسها.2. لمجلسي الأعيان والنواب، وفقا للنظام الداخلي لكل منهما، تشكيل لجنة مشتركة لبحث المواد المختلف فيها لمشروع أي قانون والتوافق على صيغة نهائية ورفع توصياتها للمجلسين.”

وتنص المادة (79) من النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2013 وتعديلاته على أن ” أ- إذا أعاد مجلس الأعيان مشروع القانون مرفوضاً فتجري المذاكرة به على نقطتين، فإما الموافقة على قرار مجلس الأعيان وإما الإصرار على قرار مدلس النواب السابق . ب- إذا أعاد مجلس الأعيان القانون معدلاً فتطبق الأحكام التالية : 1- يقتصر البحث في المواد المختلف عليها بين المجلسين 2- يصوت المجلس عند مناقشة قرار اللجنة أو مشروع القانون على الإصرار على قرار مجلس النواب السابق أو الموافقة على قرار مجلس الاعيان ج _إذا أصر مجلس الأعيان على مخالفة قرار مجلس النواب كما أعيد إليه ، تطبق حيئذ أحكام المادة (92) من الدستور
وتنص المادة (83) من الدستور على أن (47) من النظام الداخلي لمجلس الأعيان لسنة 1998 وتعديلاته على أن : ” إذا قررت إحدى اللجان تعديل مادة في مشروع قانون أحيل عليها , يبدأ بتلاوة المادة كما وردت من مجلس النواب ثم التعديل الذي قررته اللجنة ويطلب الرئيس إبداء الرأي في قبول التعديل أو رفضه ، فإذا رفض تعديل اللجنة وأي تعديل يقترحه الأعضاء يؤخذ الرأي على النص كما ورد من مجلس النواب فإذا لم يوافق المجلس عليه يكون النص مقبولاً كما ورد من الحكومة .”

ثالثا: في دستورية الإجراءات
في ضوء ما سلف بيانه من نصوص دستورية، نوضح ما يلي:
أن قرارات مجلسي الأعيان و النواب و الإختلاف حول نص المادة الأولى من المشروع بقانون بشأن الهيئة المستقلة للإنتخاب من حيث المبدأ وما تبع هذا الإختلاف من إجراءات تشريعية تتفق واحكام المادة (92) من الدستور الأردني.

وفي ضوء ذلك، يكون لمجلس النواب ، الأخذ بأحد الخيارين التاليين:

إما أن يقبل قرار مجلس الأعيان ، وهو عدم الموافقة على تعديل مجلس النواب والرجوع لصيغة المادة كما وردت من الحكومة ، وإما الإصرار على قرار المجلس السابق وفي هذه الحالة تطبق أحكام المادة (92) من الدستور بشأن اجتماع المجلسين .

ثالثا: في موضوع الإختلاف بين المجلسين
إن مادفعني للخوض في هذه المسألة بالذات هو ضرورة إحكام وضبط الصياغة التشريعية التي تتسق واحكام الدستور، والتي تحتم على المشرع الكريم ضرورة الأخذ في المسميات التي وردت في الدستور ، لأن هذ ما إستقرعليه الفقه القانوني والدستوري و اسس الصياغة التشريعية السليمة ، فضلا أنه مؤشر على حسن وإتقان العمل التشريعي والقانوني ، وخلاف ذلك فهو راي يجانب الصواب ولمزيد من التوضيح إن محور الخلاف بين المجلسين إنصب على تسمية الهيئة المستقلة ، وعند إستعراض نص المادة كما وردت من الحكومة نجدها تنص على أن يسمى هذا القانون في ” قانون معدل لقانون الهيئة المستقلة للإنتخاب لسنة 2022″ ، فيما انصبت التسمية المقترحة في قرار مجلس النواب على ذات التسمية مع إضافة كلمة الأحزاب بعد الإنتخاب ، وبراي أن إرجاع المسمى كما ورد في الدستور هو الأكثر دقة وضبطا للصياغة التشريعية ،وان التسمية التي وردت في مشروع الحكومة تخالف أسس الصياغة التشريعية وان الدفع بأن مسمى القانون ليس بالضرورة أن يعبر بشكل دقيق عن مضمون التشريع أمر يجانب الصواب .
ومن حسن الطالع الإشارة في ومضة بسيطة حول ضوابط الصياغة التشريعية لمسميات مشروعات القوانين فعلى الرغم من أن إسم القانون في النظام التشريعي الأاردني لايشتمل عادة على عدد بسيط من الكلمات ،إلا أن له أهمية قصوى ترجع إلى كونه ، دوان سواه ، الدال والمعبر عن المتن الذي يحمله ،مما يستلزم أن يتم إختيار كلماته وعباراته بعناية فائقة ، وإن عدم إيلاء العناية الكافية لإسم مشروع القانون يؤدي إلى من يطلع عليه ، عقب إصداره يؤدي إلى إنطباع خاطيء ، وتسبب أسماء مشاريع القوانين التي لاتعبر بدقه عن فحواها إلى ضياع وجهد الفئات المعنية بالقانون من أجل العثور على القانون المنظم لموضوع معين ، ومن أهم الأسس في صياغة التشريع ان تكون التسمية متسقة مع المسمى الذي ورد في الدستور ولا تخالفها .

*أستاذ جامعي- ومستشار تشريعي وبرلماني
والله ولي التوفيق