وطنا اليوم – نضال ابوزيد : على الرغم من ارتفاع المؤشرات التي تدل على أن هناك استعدادات تجري لعمل عسكري في المنطقة موجه ضد إيران او اذرع إيران في المنطقة، ورغم ان اغلب المحلليين وقعوا في شراك التحركان الامريكية لطائرات B52 وحاملات الطائرات، حيث سمعت اغلب التحليلات على شاشات القنوات العربية تدفع باتجاه “ان الرئيس ترامب ينوي مغادرة البيت الأبيض بعد توجيه ضربة عسكرية لمنشات إيران النووية”.
ثمة مغالطات كبيرة وقع فيها هؤلاء المحللين وهذه المحطات الفضائية، وذلك لعدة اسباب ابرزها: إن الرئيس ترامب لايستطيع ان يتخذ قراراً خاصة فيما يتعلق بقرارات شن الحرب وقرارات الدفاع الا بتفويض من الكونغرس الامريكي، حيث ان الكونغرس الان لايصدر اي تخويل بسبب الفترة الانتقالية التي ستنتقل فيها الصلاحيات إلى الرئيس الجديد “بايدن”، يضاف إلى ذلك أن السياسة الأمريكية في هذه الفترة الانتقالية توصف بأنها سياسة (lam duck) اي (سياسة البطه العرجاء) اي ان الرئيس موجود في منصبه لكن بصلاحيات محدوده، يضاف إلى هذه الخيارات ان البيئة الدولية ليست مهيئه لأي عمل عسكري في هذا التوقيت بالذات بسبب جائحة كورونا التي انكهت العالم، وثمة مؤشر اخر يضعف خيارات توجيه ضربة عسكرية لإيران وهو ان البيئة الاقليمية لاتستطيع تَحمل خيارات اي تحرك عسكري في هذا الوقت فلا دول الخليج تستطيع أن توافق على خيار إدارة ترامب لأنها تدرك انها ستفقد اخر ما تبقى من دفئ العلاقات مع ادارة الرئيس القادم بايدن، ولا إيران ستقف مكتوفة الأيدي امام اي عملية جوية قد تستهدف منشاتها النووية، خاصة في ظل تطور أدوات الرد لديها عن طريق الحوثيين في اليمن أو حزب الله في لبنان، وهنا فإن خيارات توجيه ضربة عسكرية لمنشات إيرانية تضعف امام هذه المؤشرات.
اذا ماذا تعني التحركات الأمريكية في المنطقة ومؤشرات التأهب الاسرائيلي؟
ليس بالضرورة ان التحركات للقطع البحرية الأمريكية في الخليج العربي و وصول طائرات B52 إلى الشرق الأوسط، بأن هناك عملية عسكرية ضد منشآت نووية إيرانية، وانما قد تندرج ( وقد استخدمت سابقا) هذه التحركات في إطار الردع والصدمه، بمعنى تهديد إيران من أجل الضغط على وكلائها وخاصة حزب الله من أجل تسهيل اجتماعات ترسيم الحدود اللبنانية الاسرائيلية التي تجري حاليا، وعدم تعقيدها وبالنهاية الموافقة على خطط ترسيم الحدود التي تجري والتي يحاول حزب الله تعطيلها وتأجيلها بانتظار خيارات الإدارة الأمريكية الجديدة لعلها تكون افضل للحزب وايران من خيارات ترامب وإسرائيل.
بالمحصله يبدو أن الرئيس السابق ترامب يحاول ترتيب الأوراق الاسرائيلية وعلى رأسها ترسيم الحدود مع لبنان، قبل مغادرته البيت الأبيض مستخدما أدوات الضغط لا أدوات الحرب التي اصبح لا يمتلك القرار المطلق فيها، إضافة إلى انها محاولة من ترامب تسجيل نقطة امام الاسرائيليين واللوبي اليهودي في أمريكيا، قد يحتاجها بعد اربع سنوات اذا ماقرر خوض الانتخابات الرئاسية مرة أخرى في مواجهة خصمه التقليدي بايدن.