السلطة الفلسطينية في مهب الريح

23 فبراير 2022
السلطة الفلسطينية في مهب الريح

 

وطنا اليوم – رصد-  تعيش مدينة رام الله بالضفة الغربية، حالة من التوتر المشحون، بعد وصول معركة خلافة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لآخر مراحلها، وبدء الإدارة الأمريكية بوضع بصماتها ولمساتها الأخيرة “السحرية” على المشهد السياسي الذي سيلي غياب “أبو مازن”.

العاصمة السياسية (رام الله)، تشهد منذ أسابيع لقاءات واتصالات مكوكية وسرية، جميعها تتقاطع مع هدف واحد ومشترك والمتمثل بالإجابة عن السؤال الأبرز على الساحة الفلسطينية، من سيخلف الرئيس عباس؟، خاصة أن بورصة الأسماء المعروضة لهذا المنصب منخفضة جدًا وتتمركز حول القياديان في حركة “فتح” “ماجد فرج وحسين الشيخ”.

قبل أيام تحدث الإعلام العبري،” عن منح إدارة الرئيس الأمريكي بايدن الرئيس عباس مهلة مدتها عامين لتنظيم نقل السلطة.

وأضاف المستشرق الاسرائيلي يوني بن مناحيم، نقلاً عن مصادر رفيعة في فتح، قولها، “خلال هذه الفترة لن تضغط ادارة بايدن على الرئيس عباس لإجراء انتخابات في الضفة والقطاع لمنع الصدامات السياسية وتعزيز قوة حركة حماس”.

وزعم بن مناحيم أن “الرئيس عباس يستعد لعقد مؤتمر فتح الثامن في الشهر المقبل لتعيين رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج عضوا بارزا في قيادة فتح، لتقليص قوة القيادي مروان البرغوثي داخل الحركة.

ومع هذا التطور الملحوظ بملف “وريث عباس” الشائك، نفى عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” حسين الشيخ، أن يكون تعينه مؤخرا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، نوعاً من التأهيل لخلافة الرئيس عباس، مشدداً على أن “الرئيس القادم لن يأتي على ظهر دبابة إسرائيلية، وإنما عبر صناديق الاقتراع”.

وقال الشيخ، خلال مقابلة مع قناة “الشرق” السعودية، بثتها مساء الإثنين، إن “رئيس الشعب الفلسطيني لن يأتي إلا عبر صندوق الاقتراع، وليس عبر التعيين”، مدللاً على ذلك بأن “الرئيس ياسر عرفات جاء بشرعيته النضالية وعبر صندوق الاقتراع، وكذلك الرئيس أبو مازن”.

وتابع: “لن يأتي أي قائد أو زعيم عبر بروباغندا، أو دبابة إسرائيلية، أو بقرار إقليمي أو دولي”، مضيفاً: “هناك مؤسسات في حركة فتح ومنظمة التحرير صاحبة هذا الحق في الاختيار”، على حد قوله.

وبيّن الشيخ – الذي اختير في اللجنة بدلاً من الراحل صائب عريقات – إلى أنه “لا يوجد شريك في الجانب الإسرائيلي لصناعة السلام”، معتبراً أن الدور الأمريكي “لا يرتقي إلى مستوى طرح الرؤية السياسية، وهو ما يمثل نقطة خلل”.

أوساط إسرائيلية تقدر أن ما تسميه “معركة الخلافة” في اليوم التالي لأبي مازن قد تتحول إلى فوضى عنيفة وهجمات مسلحة، ولذلك فإن الاحتلال يعمل على تعزيز مكانة السلطة الفلسطينية، وفي الوقت ذاته تأمل في تشكيل القيادة الفلسطينية المستقبلية دون أن تكون “بصماتها مكشوفة”.

ويقول الخبير العسكري رون بن يشاي في مقال بصحيفة “يديعوت أحرونوت”، إسرائيل تراقب ذلك وسط تقديراتها بأن معركة القيادة في السلطة الفلسطينية ستتحول إلى فوضى عنيفة بين المتنافسين الفلسطينيين، وقد يمتد ذلك إلى موجة عمليات مسلحة ضد إسرائيل، وتعطل حياة المستوطنين اليهود، وسيحبط أخيرًا أي فرصة للتوصل لتسوية سياسية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.

وأكد أن “الأوساط الأمنية الإسرائيلية تقدر أن هناك سيناريوهات أقل سوءًا لما سيحدث في اليوم التالي لأبي مازن، لكن كبار المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، بمساعدة جهاز الشاباك والاستخبارات العسكرية، توصلوا إلى أن سيناريو الكابوس المذكور أعلاه بات معقولا”.

وعلى ضوء هذا التخوف قال موقع “واي نت” العبري، إن السلطة الفلسطينية تواجه مشكلة كبيرة، وأن هناك تصور متنامي بين الكثيرين بأن سيطرتها على الأرض متزعزعة.

كما التقى وزير جيش الاحتلال “بيني غانتس”، السبت، مع نائبة الرئيس الأمريكي “كاميلا هاريس” للحديث حول التعاون الاستراتيجي وكذلك تداعيات الأزمة الأوكرانية الروسية وسبل تعزيز التعاون مع السلطة الفلسطينية.

ووصف غانتس اللقاء بـ”البناء”، مشيرًا إلى أنه ناقش سبل تطوير اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية، بالإضافة للحاجة للقيام بخطوات بناء ثقة مع السلطة الفلسطينية.

وفي هذا السياق، قال غانتس إنه أبلغ “هاريس” نيته القيام قريبًا بعدة خطوات لتعزيز التعاون مع السلطة الفلسطينية في المجالات الاقتصادية والمدنية.

ويتفرّد الشيخ (62 عاماً) الذي يعتبر أوفر حظًا لخلافة عباس، بقيادة المفاوضات اليومية “مفاوضات يوم بيوم” مع الاحتلال الإسرائيلي، بصفته رئيساً للشؤون المدنية الفلسطينية ورئيس لجنة التنسيق المدنية العليا منذ عام 2007.

وتعتبر هذه اللجنة بحسب موقعها الإلكتروني “حلقة الوصل بين السلطة الوطنية الفلسطينية وكافة مؤسسات السلطة المدنية مع الطرف الآخر”؛ أي الاحتلال الإسرائيلي بما يشمل التسهيلات والمعابر والتصاريح وسجل السكان، ودخول البضائع والأشخاص.

بموجب القانون الفلسطيني، يصبح رئيس المجلس التشريعي رئيسًا مؤقتًا 60 يومًا بمجرد وفاة رئيس السلطة الفلسطينية أو دخوله حالة الحبس، بانتظار إجراء انتخابات رئاسية قانونية. ولأن عباس حل البرلمان الذي كانت تسيطر عليه حماس منذ عامين وألغى أيضًا الانتخابات البرلمانية التي كانت ستجري في (مايو الماضي، فلا رئيس برلمان منتخباً اليوم،  وتزعم مصادر في فتح أنه في مثل هذه الحالة، سيكون أمين عام اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيسًا مؤقتًا حتى الانتخابات.