شعر ابوعربي / ابراهيم أبو قديري
عمّانُ انتِ المبتدا ماضينا
يا قلعةً في النائباتِ تَقينا
كم أرضعتْ هذا الزمانَ حضارةً
وعراقةً… كان الزمانُ جنينا
هرِمَ الزمانُ وعزمُها متوثّبٌ
والسيفُ في يدِها عزماً تنادينا
قلمٌ تناوبَ في اليدينِ ومعولٌ
وشبا السلاحِ نشدُّ في أيدينا
مَن كان مِن نسجِ الرماحِ حروفُها
لا ترتضي قهْرَ الزمانِ مُهينا
كم في رِحابِكِ للبطولةِ صولةٌ
رقصتْ على شفةِ العُلا تلحينا
حينَ امتشقتِ وسامَ عزمِك عزةً
عند الشدائدِ بالرجا تُحيينا
هي سبعةٌ تلك الجبالُ كأنها
أُحُدٌ نعانقُها هوىً وحنينا
فإذا استفزَّ وقارَ قدرِكِ عارضٌ
هدرتْ جحيماً أو براكينا
كم طامعٍ أغوى الغرورُ جنونَه
فارتدّ في أعقابهِ ملعونا
نفدي عروبتَها إذا خصمٌ بغى
ومن المكارهِ سارعتْ تفدينا
روما وبيزنطا وتلك قبورُهمْ
وقصورُهمْ هي عبرةٌ للعابرينا
غرَبوا وشمسُكِ لا تغيبُ لأنها
عربيةٌ لا تقبلُ التهجينا
تيجانُهم أقواسُهم ومدرَّجٌ
وهناك أعمدةٌ تئنُّ أنينا
أهدتْ إلى اليرموكِ مؤتةُ رايةً
قد صاعَها فتحاً وتحريراً مُبينا
لا غزوَ يبقى والحياةُ إرادةٌ
إنْ صافحتْ روحُ الجدودِ بنينا
كل الجيوشِ بغدرِها وسلاحِها
ليست تُقاومُ عندنا سِكينا
عيسى يُباركُ ماءَنَهرِكِ تارةَ
ومحمدٌ أسرى خلالَكِ حينا
يامَعَبرَ الإسْراءِ وَالمِعْراجِ ذا
شَرَفٌ على الدنْيا بهِ تتفاخَرينَا
بلْ قَبل ذلك للشآم طريقُهُ
شهِدتْ مرابِعُنا سناهُ يقينا
قدرُ المدائنِ موقعٌ ورسالةٌ
تسمو بها وبحملها تمكينا
وتجمّعتْ في ذاتِ فجرٍ كلُّها
تلدُ الكرامةَ منهجاً ويقينا
يا أختَ يثربَ والحياةُ مواقفٌ
قد جدّدتْ أنصارَها ومهاجرينا
بدْرٌ بشائرُ فتحِ مكّةَ حينَها
وكذا الكرامةُ في فلسطينا
يا حضنَ أمتنا ونبضَ عروقِها
قلباً وفياً عزةً ومكينا
طوقُ النجاةِ من الهلاكِ إذا
قد خاصمَ البحرُ الغضوبُ سفينا
وإذا العواصمُ أوصدتْ أبوابَها
قلتِ ادخلوا أهلاً بكم أهلِينا
دمُنا هو التأشيرةُ الكبرى لذا
دمُنا يوحدُنا عصوراً لا سنينا
هل تنكُرُ الأشجارُ نبضَ جذورِها
كلاّ ولاينسى البُطينُ أُذينا
كم قسّمتْ بين الضيوفِ رغيفَها
وعلى الطوى نامت أحايينا
فوسعتِ أمتَك الكبيرةَ كلَّها
وغدوتِ تؤوين الملايينا
وإذا يئسنا بادرتْ وتهللتْ
قسماتُها كي توقظُ التاريخَ فينا
وتسابق الشهداءُ يفدون الحمى
كانوا القناديلَ قال النصرُ آمينا
بابُ العمودِ وعانقوا جبلَ
المكبرِ كالأسودِ عرينا
والأرضُ تعلنُ كل يومٍ فارساً
بسلاحِهِ في قلبِها مدفونا
اللهُ باركها وأعلن أنها
حشدٌ رباطٌ للعلا تهدينا
شرفُ المواقعِ في الجهادِ ودورُها
أنتِ الجديرةُ عزةً تمكينا
زأروا على اللطرونِ بل قد عَانفوا
بالزحفِ نصراً تكتبين مبينا
صهلتْ خيولُ الفاتحينَ فكبّرت
بابُ العمودِ وأيقظت حطينا
في هاهُنا التاريخُ والجغرافيا
يتصافحانِ منارةً للتائهينا
حشدٌ رباطٌ يستقيمُ هدايةً
ويعُودُ عيسى منقذاً للعالمينا
الشعبُ والوطنُ العزيزُ أمانةٌ
من عقّها قد خاننا دُنيْا ودِينا