حدادين طول بالك .. نظرة المصري والروابدة ابعد من سنتميرات A4!!

25 ديسمبر 2021
وليد ابو دليوح

بقلم/د. وليد خالد أبودلبوح

أعجب ما أعجب لحديث معالي بسام حدادين للرد على كلام دولة المصري والروابدة في نظرتيهما ومخاوفهما على الهوية الوطنية، اذ يبدو أن بعد نظر حدادين لا يتجاوز ٣٠ في ٢٠ سم٢ ورقة ال A4 للأسف، على نقيض فسحة الأفق لنظرتي المصري والروابدة بعيدة النظر والتي تقدر ب ٨٩، ٣٤٣ الف كم٢ فقط لا غير!

ان المضطلع في أبجديات السياسة وأحوالها وأهوالها يعلم بأنه لا يؤخذ فقط بالشكل الظاهر المكتوب بل ما يبطنه الخط السري بين جنبات تلك الكلمات التي استند الباحث آخذين في الاعتبار جملة من الاسئلة والمتغيرات. ان من الطبيعي لمحللي السياسة الخروج عن بعض سنتميترات حدود الورقة آخذين في الاعتبار أسئلة لماذا وكيف والأهم من ذلك لماذا .. ولماذا الآن ؟! عنصر التوقيت وكيف يمكن تهيئته وتوظيفه واستثماره. فما أهمية التوقيت مثلا في اثارة جدل مفهوم الهوية الوطنية في جو عالمي واقليمي متلون ومتقلب بالكاد أصبحنا نعرف عدونا من حليفنا .. تتبدل وتنقلب في أقل من طرفة عين وفترة ترامب وغلمانه ليسوا بعيدين عنا للآن .. حيث أصبح الحديث عن الوطن البديل وجهة نظر وأحيانا تصب لدى البعض في “الوطنية” وكلنا يعلم وأن الأردن تموج به التحديات تلو التحديات من هنا وهناك وأجندات تخترق جسدنا الأردني وهويته في بث حي ومباشر وعبر الفضائيات ومن أقرب أقربائنا في الأمس في بعض الأحيان!

للأسف يبدو ما يهم البعض هو سمعة بعض الأعضاء في اللجنة وكأننا جميعا محصنين من الأخطاء والمؤامرات أكبر بكثير من حجم ما يحاك لنا اليوم؟!

ونتسائل لماذا كل هذا الاستغراب من “النظرة المؤامراتية” يا معاليك سيما وأننا منذ نشأتتا ونشأة دولنا وتكوينها واتجاهاتها وسلوكها لليوم ليس في الأردن فحسب بل في جميع الدول العربية كانت دوما نتاج للمؤتمرات التي تحكاك حولنا ابتداء من اتفاقيات سايكس بيكو وغيرها من الاتفاقيات والمؤتمرات حتى عوض الله وأمثاله اللقاء في الأمس القريب… و”اليسار” المفروض أعلم منا قدرا بهذه الأمور!!

ان ما استوقفني ليس نقد حدادين للمصري والروابدة ولجل الأردنيين (فهذا حقه) بقدر ما استخف به من مخاوفهم على الوطن وهويته في الطريقة التي عبروا فيها عن رأيهم … لماذا كل هذا التسخيف وعلى ماذا تراهن وكأنك قابض على المستقبل والحقيقة معا!!

والأدهى من ذلك أن جميع ماذكره حدادين لدعم حجته فانها ان لم تدعم وجهتي نظر المصري والروابدة فأنها أيضا ان تمعنا في نصوص الورقة السنيميتراتيه فهي لا تدعم ولا تدافع عن مزاعم حدادين أيضا… فهي مطاطية لأبعد الحدود تفسر كيفها شئت وتستوعب جميع السيناريوهات المرعبة ان “شاؤوا” ذلك و حسب التوقيت الذي وضعوه أصحاب القرار لسناريو معين!!

نحن اليوم لا نخرج بهذة الصيحات تجاه مفهوم الهوية ونحن في رخاء واستقرار لدينا ما لدينا من القوة والتأثير و الترف السياسي والاجتماعي لنقلب هذا المفهوم من فراغ. نعم فهناك كثير من اللغط وكثير من المشبوهين وهواة السياسة لم نسمع عنهم من قبل، أصبحوا يتحدثوا عنا وعن مستقبلنا وكأن اللجنة وجميع أعضائها كانت على قلب رجل واحد وعلى قلب الوطن على حد سواء.

كان من الأجدى ان يتحدث حدادين وغيره عن الفجوة فيما ينظرون اليه في اللجنة وما تفعله الحكومة من ممارسات عكسية عن مخرجات اللجنة من جهة أخرى، وكأن الحكومة لا تعلم بأن هناك لجنة شكلت يوما ما. وكان أيضا من الأفضل الخروج عن الشخصنة والتحدث فيما يهم ويهمس به ألسنة الخلق. فاذا كان ثلتي المواطنين لا يثقون باللجنة فكيف لنا أن لا نتوقع هذا النوع والتحليل من الحديث الذي سمعناه من البعض من أعضاء اللجنة هنا وهناك.

الخاتمة:
يقول سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه:
يا محمد يا ابن أخي عندما أجوب الصحراء بالليل أدرك أن الله أكبر من أن يوضع بين اربعة جدران!!

ونحن نقول يا جماعة عندما نجوب في ظاهر التحديات والمتغيرات تجعلنا نقول ان ما يحدث أكبر مما تنطق به الجدران الأربعة لصفحة ال A4!

Dr_waleedd@yahoo.com