شعرأبوعربي /ابراهيم أبو قديري
هرم الزمانُ وأُسْدُها ماشابوا
وتألقتْ عبرَ الزمانِ مؤابُ
مرفوعةٌ هاماتُها وأبيةٌ
ماطأطأتْ يوماً ولاذلت رقابُ
دامت كقلعتِها الأبيةِ عزةً
والطامعون على المدى قد خابوا
كم مرةٍ كنتِ البدايةَ مشعلاً
والأرضُ سدُّ والسماءُ ضبابُ
وإذا الدروبُ تشعبتْ أو أظلمتْ
فمؤابُ إن ضاع الرشادُ مَآب
روحُ الشجاعةِ حكمةٌ وشهامةٌ
والجودُ غيثٌ غائثٌ وسحابُ
لو أخطأتْ إحدى اليدين بأختِها
لتصافحتْ يمحو الجفاءَ عتابُ
حتى الخريفُ بهاربيعٌ دائمٌ
ومؤابُ إنْ جفلً السخّابُ سخابُ
وتصافحتْ فيها العصورُ :سيوفُها
ورماحُها، راياتُها وقبابُ
ياموئلَ الأحرارِ والشهداءِ كم
لبّى النداءَ شيوخُها وشبابُ
كم فاجأتْ في الحادثاتِ وبادرتْ
بإرادةٍ لاتستكينُ ولاتَهابُ
بل كلَّما اجتاحَ الديارَ عواصفٌ
يتساءلُ الشرفاءُ: أين مؤابُ
وإذا تداخلتْ الرؤى وتشعّبتْ
وإذا المسيرةُ راحَ يحجبُها الضبابُ
كنتِ الطليعةَ في المواقفِ رؤيةً
أنتِ الحقيقةُ والشرارةُ والصوابُ
ومؤابُ كانت ذاتَ يومٍ دولةً
للشامِ عاصمةً لظى وتُهابُ
إذْ راودتْ صهيونَ بعضُ جنونِهمْ
فالحربُ حلٌّ حاسمٌ وجوابُ
هياّ اطبخوا لبناً ولحماً منسفاً
زاداً وتعبئةً فإنَّا لانهابُ
قِدرانِ من لبنٍ ولحمٍ تارةً
والحربُ قِدْرٌ حولَهم وعذابُ
فغدا سراباً وهمُهم وجنونُهم
ومضت تطاردُهم بأيدينا الحرابُ
كم فرصةٍ منح الإلهُ غرورَهم
لكنهم بضلالِهمْ ما تابوا
في مؤتةَ التاريخُ صار منارةً
والفتحُ راياتٌ زهتْ وقبابُ
إرناطُ يرتكبُ الحماقةَ هاهنا
أحلامهُ عند اللقاءِ سرابُ
باشا وإبراهيمُ جرّبَ حظَّهُ
خابت كرامتُهُ يمرّغُها الترابُ
والتركُ إذْ حادوا أواخرَ عهدِهم
ذاقوا الذي عن رشدهِ حاد الصوابُ
كم هبّةٍ أو (هيّةٍ) ما استنفدتْ
مخزونَها : فالحادثاتُ جوابُ
يا توأمَ القدسِ كم روحٍ بها انسكبتْ
بابَ العمودِ وكلَّ يومٍ بابُ
في كل شبرٍ من ربوعكِ صاحبٌ
ومعاً كبرنا كم يراودُنا الشبابُ
كنا نظنُّ الدربَ طوعَ زمانِنا
ولنا أمانٍ جمةٌ ورِغابُ
طال الطريقُ وكم صديقٍ صادقٍ
كالسيف في غمدٍ طواه ترابُ
ماهنتِ يا غابةً بالأُسْدِ عامرةً
أغصانُها إما سيوفٌ أو حِرابُ
فإذا خطوبٌ داهمتْنا أو إذا
حوْلَ الحمى وحدودِنا نبحت كلابُ
والقدسُ والكركُ الأبيةُ كبّرت
هبّت أسودٌ تنتخي وذئابُ
إقرأْ ! (أعِدّوا… تُرهِبون)عدوَّكم
للخصمِ في أوساطِكمْ أذنابُ
واقرأْ مسلةَ ميشعٍ أنصتْ إلى
فرسانِ مؤتةَ كلُّهم ماغابوا
حضر الزمانُ قديمُه وحديثُه
شهداؤُنا بسلاحِهم قد آبوا