اراء شخصيات سياسية حول التعديلات المرتقبة على الدستور

19 نوفمبر 2021
اراء شخصيات سياسية حول التعديلات المرتقبة على الدستور

وطنا اليوم –  يتحضّر مجلس النواب الأردني لبحث تعديلات واسعة على الدستور خلال الفترة المقبلة، تستبق تعديلات قانوني الأحزاب والانتخاب، وتلاقي انتقادات نظراً لأنها تؤدي إلى تقليص صلاحيات الحكومة وولايتها العامة، وتمس دور مجلس النواب. في المقابل، تمنح التعديلات المقترحة الملك صلاحيات واسعة، منها تعيين وقبول استقالة قاضي القضاة ورئيس المجلس القضائي الشرعي والمفتي العام ورئيس الديوان الملكي ووزير البلاط الملكي الهاشمي ومستشاري الملك وعضوي مجلس الأمن الوطني من دون تنسيب من رئيس الوزراء.

والنقطة الأبرز في التعديلات المقترحة هي استحداث “مجلس الأمن الوطني والسياسة الخارجية”، الذي يتولى جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن المملكة والأمن الوطني والسياسة الخارجية، وهو ما يعني وفق البعض استحداث هيئة تهيمن على باقي السلطات. فيما يرى مراقبون أن هذه التعديلات الدستورية هي بمثابة خطوة استباقية في حال جرى تشكيل حكومة برلمانية، لتكون مهمتها إدارة الشؤون الداخلية فيما سلطتها ستكون محدودة على القرارات السيادية التي تتعلق بالأمن أو السياسة الخارجية.

ونشر مجلس النواب الأردني، الأربعاء الماضي، مشروع تعديل الدستور لسنة 2021 الذي أُعطي صفة الأولوية والاستعجال، بعد إقراره من قبل الحكومة. وتشمل التعديلات 30 مادة، أبرزها استحداث “مجلس الأمن الوطني والسياسة الخارجية”، إضافة إلى تعديلات تُنظّم عمل مجلس النواب وعلاقته بالحكومة، كحجب الثقة، وحل المجلس، فيما يحذر مختصون من أن بعض التعديلات تمس بمبدأ الفصل بين السلطات. ووفق التعديلات، فإن مجلس الأمن الوطني والسياسة الخارجية الذي يرأسه الملك، يتألف من رئيس الحكومة ووزراء الدفاع والخارجية والداخلية وقائد الجيش ومدير المخابرات وعضوين يعينهما الملك، ويتولى جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن المملكة والأمن الوطني والسياسة الخارجية.

الدغمي: التعديلات الدستورية تهدف إلى تحديث وتطوير المنظومة السياسية

رئيس مجلس النواب الجديد عبد الكريم الدغمي، قال خلال لقاء مع رئيس الوزراء بشر الخصاونة، الأربعاء الماضي، إن المجلس والحكومة أمامهما مهمات كبيرة لإنجازها خلال الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة، في مقدمتها مناقشة وإقرار قانوني الانتخاب والأحزاب السياسية، والتعديلات الدستورية الهادفة إلى تحديث وتطوير المنظومة السياسية، إضافة إلى جملة من التشريعات والقوانين في المجالات كافة. وأضاف أن التعاون مع السلطة التنفيذية أمر محكوم ومرسوم بالدستور، والذي ستضاف إليه تعديلات سيناقشها المجلس في الأيام المقبلة، مؤكداً أن المجلس سيتعاون مع الحكومة ما دامت تسير في الاتجاه الصحيح وفي تنفيذ البرامج والخطط التي سيستفيد منها الوطن والمواطن.

لكن نقيب المحامين الأسبق، النائب الحالي صالح العرموطي، اعتبر، أن التعديلات الدستورية التي اقترحتها الحكومة ردة على الإصلاح، واعتداء صارخ على صلاحيات السلطة التنفيذية ونزع لصلاحياتها، وعبث بالدستور، فلا يجوز نزع الصلاحيات من السلطة التنفيذية إلى سلطة أخرى لتمارس صلاحياتها، مشدداً على أن هذا التعديل ردّة عن الإصلاح. وأضاف “الأمر في غاية الخطورة، استحداث هيئة تهيمن على السلطات الثلاث”، مشيراً إلى أن “هذه المخرجات ليست من مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية بل جاءت بها الحكومة، ولا نعلم ما هي الحكمة من ذلك، وهي تتعارض مع مواد كثيرة في الدستور الأردني.

وطالب العرموطي بسحب التعديلات وإعادتها للحكومة، لافتاً إلى أن التعديلات لها تأثيرات سلبية على حصانة مجلس النواب، حتى أنها تتيح محاكمة النائب على الرغم من انعقاد دورة المجلس، إضافة إلى تقليص صلاحيات مجلس النواب ورئيسه، حتى جواز عزله، لتكون سيفاً مسلطاً على رئيس المجلس، ولا يستطيع اتخاذ قرار مستقل في ظل هذا التهديد. واعتبر أنه كان يجب أن تكون هناك مواد تلغي حل مجلس النواب وإعادة النظر بالمادة 40 من الدستور بعدما واجهت انتقادات واسعة لأنها نزعت صلاحيات تعيين قادة الأجهزة الأمنية من السلطة التنفيذية، لكن ما حدث عكس ذلك تماماً، مضيفاً “التخوف من الحكومات البرلمانية مستهجن، فإذا كان الخوف قائماً من الحكومة البرلمانية فنحن لا نريدها، ونريد الإبقاء على السلطات الثلاث وصلاحياتها”.

ولفت إلى أن إعطاء صلاحيات واسعة لمجلس الأمن الوطني والسياسة الخارجية، الذي يترأسه الملك، يخلق إشكالية بشأن مراقبة المجلس والطعن في قراراته، فرئيس المجلس هو الملك، المحصن بموجب الدستور والقانون. وحذر من هذا التعديل والنصّ الوارد من الحكومة، قائلاً إن مجلس النواب أمام لحظة تاريخية فإما يتحمّل مسؤولياته ويحمي دستوره، أو العكس.

قال مقرر لجنة التعديلات الدستورية المنبثقة عن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، أستاذ القانون الدستوري ليث نصراوين، إن اللجنة لم تناقش مجلس الأمن الوطني والسياسة الخارجية، وهذا المقترح من الحكومة، فالأمن الوطني والسياسة الخارجية لم يحددهما العاهل الأردني ضمن صلاحيات اللجنة عند تكليفها، وكان المطلوب منها إجراء تعديلات دستورية ترتبط بتعديل وتطوير العمل النيابي وما يرتبط به حكماً في إطار قانوني الأحزاب السياسية والانتخاب، ولم تكن هناك أي إشارة إلى إنشاء مركز للأمن الوطني أو غيره من التعديلات. وأوضح أن أبرز التعديلات المقترحة كانت من صميم عمل اللجنة، وترتبط بتعديل آليات العمل النيابي، وانطلقت من أن الدستور الذي صدر عام 1952، له أكثر من 70 سنة عندما كان عدد النواب 40، أما اليوم فعدد النواب 130 عضواً، ومن الطبيعي أن تتم مراجعة القوانين ذات الصلة بعمل مجلس النواب.

وعن الإضافات المحتملة من قبل مجلس النواب على مخرجات اللجنة والتعديلات التي أجرتها الحكومة، قال نصراوين “إن السلطة التشريعية هي صاحبة الولاية العامة في ما يتعلق بالمخرجات التي ستحال إليها، وهذا ما أكد عليه العاهل الأردني في خطاب العرش”. وأضاف “نظرياً البرلمان له الولاية العامة بإجراء التعديلات التي يراها مناسبة على مشاريع القوانين، لكن هناك رسائل عامة أطلقها الملك، هو يريد قانون أحزاب جديداً وقانون انتخاب جديداً، ويريد تمكين المرأة وتمكين الشباب، بالتالي هناك أطر واضحة التزمت بها اللجنة، وبغضّ النظر عن التعديلات التي قد تجرى على توصيات اللجنة، فوفق خطاب الملك سيناقش المجلس قانوني الانتخاب والأحزاب والتعديلات الدستورية، وفي نهاية المطاف سيكون لدينا قانونا انتخاب وأحزاب جديدان، وإقرار تعديلات دستورية”.

وتوقع نصراوين أن يُدخل المجلس تعديلات على قانون الأحزاب السياسية، منها نسبة العتبة، إضافة إلى القوائم وعددها، وعدد المقاعد، لكنه يستبعد أن يمس بصورة جوهرية “مقترح القوائم الوطنية العامة وآلية توزيع المقاعد”. وأضاف أن إقرار القوانين سيحتاج إلى موافقة أغلبية أعضاء المجلس الحاضرين، وبعد إقرارها من مجلسي النواب والأعيان تُرسل إلى الملك للتصديق عليها، وبعد ذلك يتم نشرها في الجريدة الرسمية، موضحاً أنه من المتوقع أن يبدأ المجلس مناقشة التعديلات الدستورية ثم قانون الأحزاب وبعد ذلك قانون الانتخاب، والبدء بالدستور لأنه أب القوانين.

أما المحلل السياسي الصحافي المختص بالشؤون البرلمانية جهاد المنسي، فوصف التعديلات الدستورية بالمبالغ بها، لافتاً إلى أنها جاءت في صلب عمل مجلس النواب، خصوصاً مع التعديلات المنتظرة على قانوني الأحزاب والانتخاب، وفيها ما يعزز الفصل بين السلطات. واعتبر أن رفع عدد النواب الذين يحق لهم طرح الثقة بالحكومة من 10 نواب إلى 25 في المائة من أعضاء المجلس، يتوافق مع ارتفاع عدد النواب من 40 عند إقرار الدستور عام 1952 إلى 130 نائباً حالياً، معتبراً أن تأمين 25 في المائة من أعضاء المجلس يمنح إيجابية أكبر للمجلس. ولفت إلى أن التعديلات توسع صلاحيات الملك، وفيها إدخال مفاهيم جديدة كالأمن الوطني، وفيها تقليص مباشر من صلاحيات الحكومة، وسحب من رصيد الولاية العامة، فيما المجلس يستطيع الرقابة على الحكومة ويتابع الأداء.

، قالت الأمينة الأولى لحزب “الشعب الديمقراطي” (حشد)، عبلة أبو علبة إنه لا يمكن توقع سيناريو محدد من قبل مجلس النواب في التعامل مع التعديلات الدستورية، وقانوني الأحزاب والانتخاب، لكن الجميع يأمل بأن تكون المرحلة الجديدة مفتوحة على التعددية، وأن تتوفر كل الشروط الموضوعية المتعلقة بالحريات العامة وعدم التضييق على حرية الأحزاب وحركتها في الأوساط الاجتماعية من أجل وجود بيئة حاضنة للأحزاب السياسية. وأضافت أنها تأمل من مجلس النواب ورئاسته الجديدة بأن يراعي الملاحظات التي تقدّم بها ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية على قانون الأحزاب والتي لا تنسجم ومبدأ التعددية السياسية، خصوصاً الشروط الجديدة للتأسيس، كشرط توفر ألف عضو وحضور نصف هذا العدد وجاهياً من أجل إقرار البرنامج والنظام وانتخاب قيادة جديدة للحزب، فيما الحزب الذي لا يستطيع توفير هذه الشروط بعد شهرين من التاريخ المحدد يُعتبر منحلاً.

العربي الجديد