د. مصطفى التل
“أنا ما حدا راضي يساعدني لأنه أبوي طفران وأنا تعبان كثير”….
بهذه العبارة توقف قلب الطفل أمير الرفاعي عن الخفقان فوق ثرى هذا الوطن للأبد , وأُغلقت عيناه بعد أن رأت عليّة القوم من المسؤولين يتقاطرون للعلاج بسويسرا وهداسا في اسرائيل , من زكام أصابهم أو عارض مرضي وقعوا تحت تأثيره , وعلى حساب الدولة نفسها , ومن ضرائب هذا الطفل الفقير التي يدفعها للخزينة كل عام .
توقفت آذانه عن السمع , بعد سمعت بنشرات الأخبار المحلية تقارير يومية عن الحالة الصحية لمعالي فلان وعطوفة علان خارج الأردن وكأنه انجاز اردني فريد من نوعه , هذا المسؤول اقتطع من ضرائب هذا الطفل وذويه , ليتعالج من عارض أصابه, يصيب المواطنين بشكل يومي , ولم يقتنع معاليه أو عطوفته بالخضوع للعلاج داخل وطنه .
الطفل أمير الرفاعي فقير من وطني توفي تحت نظر المسؤول الذي تعالج على حساب ضرائب هذا الطفل في الخارج , وهو ينظر إليه بعينه وبسمعه عشر سنوات.
عشر سنوات هي عمر معاناة الطفل أمير على ثرى هذا الوطن , عشر سنوات مثّلت عمره المملوء بالمعاناة والألم والاختناق الفعلي نتيجة تلف الرئة عنده , عشر سنوات وهو راقد على أسرة المستشفيات الوطنية التي لم تقصّر في احتضان جسده الغض الطري والذي يتلوى من الألم والاختناق .
عشر سنوات تحت رعاية أطباء هذا الوطن الذين هم من طينتنا وعجيتنا , هؤلاء الأطباء الذين لم يألوا جهدا في تقديم كل ما استطاعوه لهذا الطفل الفقير , عشر سنوات وحبر الأطباء يخط الأوراق في نقارير عاجلة للمسؤولين في هذا البلد , أن الطفل بحاجة الى عناية تفوق مستويات الخدمات الصحية في الأردن , عشر سنوات وهؤلاء الأطباء يناشدون بتقاريرهم أن علاجه يكمن في زراعة رئة بدول متقدمة علميا , في دول اقتنع مسؤوليها بأن ما يبنوه من صروح طبية هي ملاذهم وملاذ أبنائهم.
عشر سنوات كانت زاخرة بسفر معالي فلان وعطوفة علان لسويسرا للعلاج على حساب ضرائب هذا الطفل الفقير , زاخرة بسفر عطوفة علان لهداسا للعلاج من جائحة أصابت المجتمع الأردني أجمعه , ووقفت الحكومة في حالة تأهب قصوى لعلاج عطوفته .
عشر سنوات لم يرّف لمسؤول جفن تجاه هذا الفقير الذي شكّل الأردن بعيونه وعقله وقلبه قبل أن يتوقف عن النبض .
عشر سنوات عجاف لم تشفع له ولا لآلامه من قسوة قلب مسؤول , ولا من أنياب جاحد فاتح بيته للجاهات والوجاهات , والتي يستغل منصبه فيها لتسهيل معاملات مَن سينتخبونه مستقبلا , أو ينصبونه شيخا عليهم .
الطفل أمير الرفاعي , رحمك الله والهم ذويك الصبر والسلوان , وقتل الله مَن قتلك.