وطنا اليوم:تزيد خسارة الرئيس الأمريكي الأكثر صعوبة بالتنبؤ دونالد ترامب، أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن، المخاوف من إمكانية تنفيذه ضربات عسكرية، أو منحه الضوء الأخضر لأطراف أخرى لتنفيذها، وذلك قبيل مغادرته المرتقبة للبيت الأبيض في كانون الثاني/ يناير المقبل.
وتتجه الأنظار نحو إيران، في ظل ما كشفته صحيفة “نيويورك تايمز” عن مصادر بارزة في البنتاغون، أن القلق يسود من تخطيط ترامب لعمل دراماتيكي أخير قبل مغادرته، ويتمثل في هجوم عسكري في إيران أو فنزويلا.
وفي هذا الاتجاه، تحدث المحلل السياسي المختص بالشأن الإيراني طلال عتريسي عن سيناريوهين، الأول يذهب باتجاه ضرب إيران لإشعال المنطقة في وجه بايدن، مضيفا أن “طريقة تفكير ترامب قد تدفع إلى ذلك”.
واستدرك عتريسي : “لكن التقديرات تقول إن ترامب يفكر في الانسحاب من المنطقة، وهذا ما منعه من تنفيذه وزير الدفاع والبنتاغون وقوى أخرى تصنع القرار بالولايات المتحدة”، مؤكدا أن “كل الشعارات السابقة لترامب كانت الانسحاب”.
وتابع: “ترامب يعتبر عدم انسحابه من المنطقة، أحد أسباب خسارته الانتخابات الرئاسية، وعليه فمن الممكن أن يركز على الانسحاب لتحقيق ما يريد، أملا في العودة إلى الرئاسة بعد أربع سنوات”.
وحول زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو للمنطقة، قال عتريسي؛ إنها تعتمد على السيناريوهين السابقين، بمعنى إذا كانت رغبة ترامب بالانسحاب، فإن وزير خارجيته جاء لإبلاغ حلفائه بهذا الأمر، وأن على هذه الدول والحكومات أن ترتب أوضاعها وتتكيف مع هذا الانسحاب.
وشدد على أن “إعلان الحرب على إيران يعد خيارا خطيرا جدا؛ لأن طهران حذرت من أن أي هجوم عليها سترده بقصف على إسرائيل، ما يعني أن المنطقة ستشتعل، ولا أحد يعلم كيف ستنتهي الحرب في هذه الحالة”.
ورجح عتريسي أن يذهب ترامب إلى سيناريو الانسحاب، وهو ما تخشاه دول المنطقة وحلفاء الولايات المتحدة.
من جهتها، قالت صحيفة “هآرتس” العبرية في تقرير إن المسؤولين الإسرائيليين يحاولون فهم نوايا ترامب بشأن إيران حتى كانون الثاني/يناير، لافتة إلى أن وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو سيزور الشرق الأوسط، بما في ذلك إسرائيل الأسبوع المقبل.
وأكدت الصحيفة أن توقيت زيارة بومبيو مثير للاهتمام، متسائلة: “لماذا يأتي وزير الخارجية الأمريكية المنتهية ولايته إلى هنا، مع استمرار تفشي جائحة الفيروس التاجي، ومن المفترض أن يحزم رئيسه حقائبه بعد خسارته الواضحة أمام بايدن في الانتخابات الرئاسية؟”.
“روح شريرة”
وأشارت الصحيفة إلى أن بومبيو كان أحد آخر الموالين لترامب، وهذا الولاء الثابت ضمن له البقاء في منصب وزير الخارجية، منوهة إلى أن ترامب أقال خلال الأسبوع الجاري عددا من المسؤولين في البنتاغون، بمن فيهم وزير الدفاع مارك إسبر.
ورأت الصحيفة أن سبب الإقالة يعود إلى رفض إسبر إرسال الجيش إلى الشوارع الصيف الماضي، لصد المتظاهرين ضد ترامب.
وقالت “هآرتس”؛ إن روحا شريرة تحوم فوق العاصمة الأمريكية هذه الأيام، إلى جانب عمليات التطهير في القمة، معتقدة أن “ترامب وفريقه منشغلون في إدارة معركة دفاع قانوني عن النفس، بهدف إلغاء نتيجة الانتخابات، أو على الأقل تعطيل دخول بايدن إلى البيت الأبيض”.
وتابعت الصحيفة: “السؤال هو ما إذا كان ترامب منغمسا فقط في معالجة حزنه، أو ما إذا كان هناك مؤامرة على قدم وساق، لإحباط انتقال السلطة”، مرجحة أن “ترامب يتفاوض في الواقع على شروط رحيله، إذا تمكن من الحفاظ على الفكرة التي يتبناها بعض ناخبيه بأن الانتخابات قد سُرقت منه”.
وتوقعت الصحيفة أن محافظة ترامب على هذه الفكرة، قد يرسخ مكانته في الحزب الجمهوري، وربما يطلق شبكة تلفزيونية يمينية جديدة باسم “ترامب تي في”، ما سيضع نفسه في انتخابات 2024.
احتمالات مهاجمة إيران
وفي الإطار ذاته، قال أحد مستشاري ترامب لشبكة فوكس نيوز؛ إن “هناك احتمالات بأن تهاجم إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية قبل مغادرة ترامب لمنصبه”.
وتطرقت “هآرتس” إلى ما جرى بين عامي 2009 و2013، حينما فكر نتنياهو في شن ضربة جوية ضخمة ضد إيران، وما حدث من جدل مع وزير دفاعه آنذاك إيهود باراك، إلى جانب اعتراض رئيس الموساد مئير دغان على هذه الفكرة؛ لأنه لا يمكن الاستعداد لهجوم في غضون أسابيع قليلة.
وأشارت إلى أن الممثل الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية بشأن إيران وفنزويلا إليوت أبرامز، أجرى زيارة لإسرائيل هذا الأسبوع، سبقت زيارة بومبيو، منوهة إلى أنه أجاب عن سؤال حول احتمالية شن إسرائيل لهجوم عسكري، بموقف حدث في ولاية بوش عام 2007.
وأوضح أبرامز أن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود أولمرت أراد تجنيد الأمريكيين للقيام بخطوة مشتركة، لمهاجمة المنشأة النووية التي بنتها كوريا الشمالية في سوريا، لكن بوش رد بأن أمريكا “ليست شرطي مرور، ولا تتعامل مع الأضواء الخضراء أو الحمراء”.
وبشأن زيارته الأخيرة لتل أبيب، أكد أبرامز أنها كانت تهدف إلى تنسيق خطة تشديد العقوبات ضد إيران.
وختمت الصحيفة الإسرائيلية بالقول؛ إن “ترامب هو الرئيس الأمريكي الأقل توقعا على الإطلاق”، مضيفة أن “هناك جدلا إسرائيليا حول محاولة فهم نواياه فيما يتعلق بإيران خلال الفترة الانتقالية”، مستبعدة في الوقت ذاته أن يسعى نتنياهو إلى فرض خطوة إسرائيلية أحادية الجانب ضد إيران، في ظل خلافاته مع شريكه الحكومي “أزرق أبيض”.