المعلم: حسن العتوم
لا شك ان الكتاب الذي بين يدي والذي خطّه الدكتور ذوقان عبيدات تحت عنوان ” ذوقان عبيدات، مسيرة معلم متعلم ” يستحق القراءة والتدقيق. فلم يعد هذا الكتاب بعد نشره يخص الدكتور ذوقان عبيدات وحده، بل أصبح ملكية عامة اشبه ما تكون بإرث احتوى سجالاّ ما زال مشتعلاّ ما بين الاستبداد والتخلف من جهة وما بين الحداثة والتنوير من جهة اخرى راح ضحيتها صيرورة التقدم والحداثة لصالح قوى التخلف والظلام.
تقديري لم يأت هذا الكتاب من جديد على مستوى النتائج، إنما فصل اخر لذلك السجال التاريخي منذ أرسطو الذي راح ضحية التجديد وإمعان العقل والبحث عن المعرفة لصالح أصحاب المسلمات وأصحاب هكذا وجدنا آباءنا الاولين. ورغم ان المجدد نبي في قومه إلّا انه لا يكرم نبي في قومه.
باعتقادي لقد اجاب الكتاب بكل وضوح عن السؤال المركزي الذي طرح في القرن التاسع عشر على يد الكواكبي والافغاني ومحمد عبده، لماذا تخلف العرب والمسلمون ولماذا تقدم الغرب؟ لعل الباحث في فلسفة التعليم في الاردن سيجد ان خطيئة التعليم طيلة العقود الماضية نتاج طبيعي لصراع الايدولوجيا على حساب المعرفة داخل المتنفذين في وزارة التربية و التعليم، كل ذلك ما كان ليتم لولا مكافأة الدولة لهم بعد عام 1957 بمنحهم السيطرة على فلسفة الخطاب الديني و فلسفة التعليم في الأردن: لقد عاش عقل الطفل الاردني صراع عقود طويلة ما بين الاستماع في نهاية خطبة الجمعة بالدعاء على العلمانيين و الشيوعين و البعثيين و الليبراليين و الماركسيين و المخالفين بالكفر و القتل وأفحش القول و ما بين مناهج تعج بالأيدولوجيا تعزز فلسفة الخطاب الديني المتشدد و المتطرف تجاه الاخر، حتى اصبحنا اليوم دون وعي يدرك أننا صنيعة هذا الفكر الظلامي الذي أسكن في عقولنا أنَّ الآخر هو سبب تخلفنا و لم ندرك لليوم أن أدوات التخلف هي النتاج الوحيد و التطور الوحيد الذي صنعناه طيلة القرنين الماضين و قد أبدعنا حقا في ذلك على مستوى النتائج! .
ثمة أمر آخر قوبل به عبيدات مثلما قوبل اي شخص حداثي يحاول التغيير، إنها ثقافة الشك والتخوين والاتهام التي اتقن الظلاميون زراعتها في عقول المجتمع وجيشوه تحت عباءة التدين وصيانة الشرع. فمثلما اتُهم بتبعيته للسفارات وأنه منحل وكافر وشيوعي، ومثلما هُدَّد بالقتل وأنا أحد الحضور اثناء مقابلته مع الدكتور المرحوم الحجايا في قناة رؤيا وتبديله لملابسه المتنكرة كي لا يتم تصفيته كما تم تصفية المفكر ناهض حتر تحت نفس العنوان، الدفاع عن الاسلام، فقد تم اغتيال عشرات الشخصيات الوطنية فكريًا من خلال هذا المنهج المرعب الذي يقصي ويشَّوه جل المخالفين.
وإن كنت أحمل هؤلاء الجرم الاكبر إلّا أنَّ النظام السياسي مع الأسف ليس برئيًا من هذه الخطيئة، فلم يحمىِ النخب ولا المفكرين المخالفين بل غضّ البصر في وأد اي شرارة قد تضيء الطريق. والسؤال الأهم ألم يحن الوقت بعد لتغيير النهج في الدولة ومنح التجديد هامشاً من الحرية والحماية لاستكمال السجال مع دعاة التخلف؟
شكرا دكتور ذوقان عبيدات الذي شهدت شخصيا جزءاً قصيرا من مسيرته أثناء عملي في نقابة المعلمين؛ شكرا على الجراءة في الطرح و الإرادة الصلبة و العطاء المستمر فمثلك يستحق وساماً من الدرجة الاولى على صدره و ليس التنكر بزي كي لا تصيبه رصاصة إرهابي لصده و صمته!.
ولا حول ولا قوة الا بالله