مابين قيمر عمان وكاز الطفيلة

9 ثواني ago
مابين قيمر عمان وكاز الطفيلة

بقلم: د.فلاح العريني
دولة رئيس الوزراء،
وأنت تتناول إفطارك مع أطفالك؛ قيّمراً وجبناً ونقانق،
كان طفلٌ في الطفيلة يفطر على الإهانة:
جالونٌ فارغ بيده، ودينارٌ واحد بيده الأخرى،
لا ليشتري ترفاً، بل ليشتري كازاً… ليؤجّل الموت يوماً آخر.
لا تحاولوا تسويق هذا المشهد كحالة فردية،
ولا تبيعونا أكذوبة “الاستثناء”.
هذا ليس طفلاً واحداً،
هذا توصيفٌ دقيق لحال مجتمعٍ كامل،
مجتمعٍ لم يعد يطالب بحقه،
بل يتسوّل دفئه.
أبلغ وزيرة التنمية الاجتماعية،
التي تتباهى بتركيب (300) كاميرا لمراقبة التسوّل،
أن هذا البلد لا يحتاج مزيداً من العيون، بل يحتاج ضميراً واحداً يعمل.
قل لها:
ضعي كاميرا واحدة فقط عند كازية المناصير في العيص،
لتشاهدي كيف يُهان الأردني وهو يشتري حقه في التدفئة.
وضعي كاميرا ثانية عند صندوق المرأة،
لتُسجَّل دموع حرائر الطفيلة،
نساء لا يتسوّلن،
بل يُدفعن قسراً إلى ذلّ السؤال.
وتعال بنفسك، دولة الرئيس، وراقب حال الناس في الطفيلة،
فالمنظومة الأمنية والإدارية ما زالت غير مصدقة بما يحدث،
وما زالت تخفي الوجع عن أصحاب القرار،
متشهدة بأشخاص توجتهم على رقاب أبناء الطفيلة ليشهدوا زوراً،
وينفوا فقرنا وذلنا وهواننا.
يا دولة الرئيس،
نفد الصبر… ولم يعد في الصدور متّسع للخداع.
أقسم لك:
إن الجالون والدينار صارا هوية وطنية جديدة.
وأقسم لك:
إن الوقوف على أبواب الصناديق صار بديلاً عن المواطنة.
وأقسم لك:
إن الجوع لم يترك بيتاً،
ولا حتى أولئك الذين كانوا يُصنَّفون “مستورين”.
وأقسم بربّ هارون وموسى،
أن الفقر ليس قدراً،
بل قرار،
وأن ما يجري ليس أزمة عابرة،
بل فشلٌ مركزي في إدارة العدالة الاجتماعية وفشل كلوي في بطن حكومتكم.
الفقر، يا دولة الرئيس،
بارودٌ صامت،
وإذا انفجر فلن تسأله الشعوب عن النيات،
بل عن النتائج.
هذه ليست رسالة كراهية،
ولا خطاب تحريض،
بل وثيقة اتهام أخلاقي،
وشهادة قبل أن يُطوى ما تبقّى من صبر الأردنيين.
أنقذوا كرامة الناس،
فالدولة التي تعجز عن إطعام أبنائها
تفقد حقها في مطالبتهم بالصبر.
د.فلاح العُريني..
كاتب سياسي..