الخبير موسى الصبيحي
تكمن أهمية التقييم الإكتواري للمركز المالي لمؤسسة الضمان في منح الفرصة الكافية للوقوف على مدى استدامة النظام التأميني على المديين المتوسط والبعيد.
لهذا تكشف الدراسات الإكتوارية عن ثلاث نقاط رئيسة مهمة؛
الأولى: نقطة تعادل الإيرادات التأمينية (الاشتراكات) مع النفقات التأمينية والعامة.
الثانية: نقطة تعادل الإيرادات التأمينية وعوائد الاستثمار مع النفقات التأمينية والعامة.
الثالثة: نقطة العجز الكلي والنفاد.
وهو ما تقوم به كل هيئات ومؤسسات التقاعد والتأمينات والضمان الاجتماعي في العالم.
لكن ما يجدر إيضاحه للجميع هنا، بأن المشرّع الأردني كان ذكيّاً عندما حرصَ على تضمين قانون الضمان الاجتماعي الأردني نصّاً يحول دون وقوع أي عجز مالي لدى مؤسسة الضمان في أي وقت، وذلك من خلال:
أولاً: أن القانون ألزمَ المؤسسة بإجراء دراسة إكتوارية واحدة على الأقل كل ثلاث سنوات (المادة 18/ أ) بهدف معرفة حقيقة الوضع المالي لنظامها التأميني وتقييم هذا الوضع.
ثانياً: أن القانون وضعَ ضوابط قانونية مُلزمة لمؤسسة الضمان وللحكومة تمنع الوصول إلى نقطة التعادل الأولى ما بين الإيرادات والنفقات (المادة 18 / ج) من خلال حساب ومقارنة نتائج التقدير الإكتواري لموجودات المؤسسة مع نفقاتها كما هي في السنة العاشرة للتقييم الإكتواري، بحيث نضمن أن لا تقل الموجودات عن عشرة أضعاف النفقات المقدّرة في تلك السنة، وهو الضمانة الأكبر والأقوى لمنع الوصول إلى نقطة الخطر الأولى (تعادل الإيرادات مع النفقات) فضلاً عن النقطتين الثانية والثالثة. أي أن القانون يشتمل على إلزامية اتخاذ الإجراءات اللازمة في حال “مجرد” الاقتراب من نقطة التعادل الأولى ليباعدها قدر الإمكان ما يُعدّ أحد أهم ضمانات الحيلولة دون حصول أي عجز في المركز المالي للمؤسسة.
بناءً عليه، فإن الوضع المالي لمؤسسة الضمان حالياً والذي أصفه بأنه “مريح” و “مريح بحذر” سوف يصبح في وضع أكثر ارتياحاً، بعد القيام بعدد من الإجراءات والسياسات، ومن ضمنها المراجعة الشاملة لقانون الضمان، وصولاً إلى قانون توافقي إصلاحي مُستدام وهو ما يحتاج إلى مهارة تشريعية وتأمينية على مستوى عالٍ من الدقة والخبرة، بما يسهم في تعزيز العدالة والحماية الاجتماعية لجمهور الضمان من جهة، كما يسهم في تمتين المركز المالي للمؤسسة واستدامته بما يمكّنه من تقديم منظومة حماية اجتماعية تأمينية في مستوياتها المتوازنة والمقبولة والعادلة.
وسيكون لي مقال أكثر تفصيلاً ووضوحاً لاحقاً إن شاء الله.