د. عادل يعقوب الشمايلة
عندما يكون هناك حارسان يحرسان البيت أو العمارة أو المصنع، ويكون هناك كلبان يحرسان القطيع، فهل يجوز إعذارُ أحدهما من المسؤولية إذا سُرِق البيتُ أو إذا افترس وحشٌ أغنامًا أو طيورًا من الحظيرة، إلا إذا كانت هناك أسبابٌ جوهريةٌ لإعذاره وإخلائه من المسؤولية؟
أليس من العَباطةِ والسذاجة، وغيابِ المنطق، واستهبالِ الآخرين وخداعهم، والضحكِ على الذات، والانبطاح الطوعي، أن تتهمَ أحد الحارسين أو الكلبين وتلومه وتؤنّبه، وتعبّر عن خيبةِ الأملِ من أدائه، ولا تأتي على ذكر الحارس الثاني أو الكلب الثاني، وكأنهما لم يكونا موجودين أو غير مسؤولَين، وبالتالي تعذرهما من تحمّل المسؤولية؟
إن التغطيةَ على تقصير الحارس الثاني أو الكلب الثاني يُمكنه من الاستمرار في اجتذاب زبائن جُدد غير مطلعين على تقصيره وخداعه لزبائنه، والاستمرار في انتهاز الفرص وجني المال، والحصول على أدوارٍ بدون وجه حق.
مثلُ هذا السلوك يضرُّ بالمتحيِّز أولًا، ويلحق الضرر بالآخرين الذين يقعون في حبائل وخداع الحارس المغفور له، بسبب عدم شفافية العلاقة بين الحارس المخيب للأمل وبين زبائنه. كما يضر بمبدأ الثقة المهم جدًا لعقد الصفقات.
حالة الاستثناء من اللوم وتحمل المسؤولية تنعم بها تركيا فقط، ولأسباب أيديولوجية.
من المعلوم أن قطر قد استنجدت بتركيا لتوفر لها الحماية، وتردع جاراتها الخليجية التي فرضت حصارًا عليها. مقابل تلك الحماية، تحصل تركيا على أولوية في الاستثمارات القطرية، واستيراد البضائع التركية، ودعم استقرار الاقتصاد التركي، وإيداع عشرات المليارات من الدولارات في البنك المركزي التركي لتمكين تركيا من تسديد أقساط وفوائد ديونها الخارجية بالعملة الصعبة، وتثبيت سعر العملة التركية.
في المقابل، لم تحصل قطر على الحماية التركية ضد الضربة الإيرانية، ولا على الحماية ضد الضربة الإسرائيلية.
الموقف التركي يجب أن يكون متوقعًا؛ فمصالح تركيا مع إيران تمنعها من الدخول في صراع معها، كما أن إيران ليست بالخصم السهل. ومن المؤكد أن قادة تركيا لم يغب عن ذاكرتهم عجزُ الإمبراطورية العثمانية عن إخضاع إيران.
أما إسرائيل، فهي صديق وحليف لتركيا، كما أنها صديق وحليف لشركاء تركيا في حلف الناتو، إضافة إلى تفوق إسرائيل العسكري على تركيا.
أما الدول الخليجية، فإنها لم تكن في وارد غزو قطر، خاصة بعد أن شاهدت عواقب الغزو العراقي للكويت.
ولا بد هنا من التذكير بأن حركة الإخوان، ومعها حركة حماس، كانتا ولا تزالان مواليتين للحكومة التركية الإخوانية أو القريبة من الإخوان. وقد استغلتهما تركيا كأدوات في تنفيذ سياساتها التوسعية.
وفي المقابل، اكتفت تركيا بعبارات الاستنكار والرفض والبيانات الكلامية، وتخلّت عن حليفتها وأداتها “حماس” تواجه العدوان الصهيوني دون دعم أو حماية أو ردع لإسرائيل.
بل، حافظت تركيا على علاقاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية مع إسرائيل، وكانت شريان الحياة لها، تزودها باحتياجاتها الغذائية بعد أن حاصر الحوثيون تجارتها عن طريق البحر الأحمر.
اللوم يجب ان يطال تركيا كما طال امريكا.
النتيجة: لماذا التحالف مع خليلٍ لا بهِشّ ولا بنِشّ؟
العمى الأيديولوجي
