د. عادل يعقوب الشمايله
يقابل كلمة التناحة في اللغة الانجليزية
a hard nut to crack
تتنوعُ مظاهرُ واشكالُ التناحة. ولذلك هناك اكثرُ من تعريف لها. من بينها:
-العنادُ الحمق
-ارتباطها مع النرجسية
-التركيز الشديد مع عدم الفهم.
- أن تستيقظ صباحا ناسياً دماغك على الوسادة.
-ان اجزاءاً من العقل تتنحى عن وظائفها و تترك مهمتها في الفكير والتدبير الرشيد، فتنشغل خلايا المخ المسؤلةِ مثلا عن وظائف الجهاز الهضمي بتصريف شئون الوعي السياسي ، وخلايا المخ المسؤلةِ عن الوظائف الغريزية إلى الإطلاع بشئون الثقافة و العلم بينما تتنحى الأجزاء الأخرى وتتبلد، وتضمر.
التناحةُ لها تاريخٌ مأساوي في عالمنا العربي، من بين صفحاته اقتطف:
-تناحة الجنرال المصري احمد عرابي قائد الثورة العرابية في فترة 1879-1882 ضد الخديوي توفيق في مصر وسميت آنذاك هوجة عرابي. وكانت نتيجتها احتلال بريطانيا لمصر التي استمرت حتى عام ١٩٥٦.
-تناحة الرئيس السوري بأصراره على عدم قبول مبدأ تداول السلطة كون النظام السياسي في سوريا جمهوري وليس ملكيا، وبالتالي تناحته على استمراره في حكم سوريا من المهد الى اللحد وعدم الاعتراف بحقوق الشعب السوري بالحرية والكرامة والديموقراطية والعدالة والحصول على مستوى معيشي محترم.
-تناحة الفصائل الفلسطينية بإصرارها على تفشيل كافة المحاولات المتكررة من دول عربية ودول اجنبية صديقة للقضية الفلسطينية التي سعت لتوحيد الصف الفلسطيني وانهاء حالة الفرقة والانقسام التي اضعفت فرصة اقامة دولة فلسطينية مستقلة متجاهلةً ان بقاء حالة الانقسام الفلسطيني تخدم فقط الهدف الاستراتيجي لنتنياهو المتمثل بإنكار حقوق الشعب الفلسطيني ويهودية فلسطين من النهر الى البحر.
-تناحة الرئيس المصري جمال عبدالناصر المتمثلة باصراره عام ١٩٦٧ على طرد قوات الامم المتحدة من جزيرة تيران ومنع مرور السفن الاسرائيلية والزعم أنه مستعد لمواجهة اسرائيل ومن وراء اسرائيل. فكانت النتيجة الهزيمة العسكرية الماحقة وضياع سيناء والجولان والضفة الغربية وسلسلة الحروب والويلات والنكبات وعشرات الالاف من الضحايا إضافة الى الدمار والازمات الاقتصادية.
-تناحةُ صدام حسين حين رفضَ الخروجَ الآمن من الكويت قبلَ نهاية المهلة التي اعطيت له، رغم علمه بحجم القوة العسكرية التي جمعتها امريكا وحلفائها لاخراجه بالقوة. ثم انسحب بعد انتهاء المهلة مما عرضَ الجيش العراقي للابادة على طريق العودة الذي تغير اسمه الى طريق الموت.
-تناحة معمر القذافي والنتيجة معروفة عصا في مؤخرته في عبارة مياه. وما تلى ذلك من فوضى في ليبيا وانقسام الدولة وتفشيلها واختلالها من تركيا وروسيا رغم غناها.
-تناحة عبدالله علي صالح رئيس اليمن الذي رفض الانصياع لمطالب شعبه بتنحيه السلمي والتي استمرت سنة كاملة في مظاهرات لم تعرف اليأس. فماذا كانت النتيجة؟ القتل على ايدي الحوثيين وتدمير اليمن وسيطرة الحوثيين على معظم اليمن الذي تجزأ بعد أن افترسته القوى الاقليمية.
-تناحة الرئيس المصري المنقرض حسني مبارك الذي كان يسعى لتوريث منصبه ورفضه التنازل عن الحكم حيث لم يشبع من ثلاثين عاما من السلطة والتسلط والنهب مما تسبب في المظاهرات المليونية والاف القتلى والسجناء والمشردين والازمة الاقتصادية الحادة التي تعيشها مصر حاليا.
-تناحة الحكومات الاردنية باصرارها على الخضوع لتعليمات صندوق النقد الدولي وخاصة اتباع السياسة النقدية الانكماشية رغم ثبوت فشلها ونتائجها الكارثية على الاقتصاد الاردني المتمثل بتوقف النمو الاقتصادي، وتزايد معدل التفاوت بين الدخول (بمقياس جيني)، وارتفاع معدل البطالة ومعدل الفقر، وتدني المستوى المعيشي لغالبية المواطنين وانكماش حجم الطبقة المتوسطة، وتهديد الاستقرار السياسي، واضعاف السيادة الوطنية نتيجة اضطرارها لطلب المعونات المشروطة.
-تناحة الثقافة العربية التي ترفض الخروج من زنزانتها التاريخية، والتطور لتعاصر العصر مما جعل العرب يعيشون خارج التاريخ مما سيؤدي حتما لخروجهم من الجغرافيا. مأزق الثقافة العربية افقد العرب احترام العالم بل واحترام العرب لأنفسهم. فمساهمة العرب في الحضارة البشرية المعاصرة تقتصر على الارهاب