د. عادل يعقوب الشمايله
عندما تدعو جمعيات البيئةِ بضرورةِ حمايةِ الاسود والنمور والوحوش من الانقراض، واسماكِ القرشِ في البحار والمحيطات، فإنها تكون قد قررت التضحية بالغزلان والارانب والاسماك وسائر الحيوانات الضعيفة، وحرمان البشر من دخول الغابات والبحار واستغلال خيراتها الظاهرة والدفينة. أي تعطيل ثلاثة ارباع مساحة الكرة الارضية.
في المجتمعات الغربية المتحضرة، لا يقتلون الافاعي السامة عندما يجدونها في حدائقهم المنزلية أو حتى داخل منازلهم، بل يتم القبض عليها واطلاق سراحها في اقرب غابة.
الافاعي لن تتذكر هذا الفعل الحسن من الانسان وتتعلمَ الرحمةَ وحسن المعاملة منهُ. بل ستظلُ على طبيعتها العدوانية المتربصةِ الغادرةِ القاتلة. كما أن الافاعي لن تتقيد بقرار من نقلها الى الغابة، فلا شئَ يمنعها من التسلل من الغابة والعودة الى حدائق الناس ومنازلهم.
حَقُّ الحياة ليس حقاً مطلقاً وبدون شروط. ولذلك توصلَ البشرُ الى القوانين لتحكم علاقتهم ببعضهم البعض، وعلاقات القبائل ببعضها وعلاقات الدول ببعضها.
الدينُ الاسلاميُ وضع قاعدة ذهبية رائعة:
لا اكراه في الدين
و
قل يا ايها الكافرون لا اعبد ما تعبدون ولا انتم عابدون ما اعبد.. لكم دينكم ولي دين.
هذه القاعدة هي في مصلحة المسلم كما هي في مصلحة غير المسلم، لأنها بالنتيجة تحافظُ على حياة المسلم وحريته الدينية في وطنه وخارج وطنه.
هناكَ من يرفضُ القرار الالهي كما ورد في القرآن، وأفتى بنسخ آيات التعايش وحرية الاعتقاد، وأطلقَ العنان لتفسيرات متعدية ولوي عنق آيات أُخرى ويبشرون بِأحادية الاعتقاد ورفض الحرية الدينية، مع أن الحرية الدينية كانت في بيت النبي، حيث بقيت زوجته المسيحية على دينها.
عندما تعتنقْ ايدولوجية معينة وتتعصبَ لها، فإنك تحفر خندقا وتدخله مسلحا بكافة ادوات الفتك لمواجهة اصحاب الايدولوجيات الأُخرى الذين سيدخلون هم أيضاً خنادقهم باسلحتهم للفتك بك.
لم يكن هناك شيطانٌ قبل خلق الانسان. كان ابليسُ يعيشُ مع الملائكةِ ويسلك سلوكها ولم يكن عدوانياً.
لكن خلق الانسان اغاظ الملائكة واغاظ ابليس.
وتم التعبير عن ذلك في الرد على الله عندما اعلن قراره بخلق الانسان:
“وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل فى الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك”.
احذروا من يصنع الشر ثم يقول ما قاله ابليس في تزكية نفسه: “إني اعلم ما لا تعلمون. إني اخاف الله رب العالمين”.
عندما تقف في مواجهة حائط فإنك لن تستطيع رؤية ما وراءه، ولو كان لديك عينا زرقاء اليمامه.
اصعد، دائما اصعد الى الفضاء المفتوح لترى ما لم ترى من قبل، وما لا يراه من يقفون في مواجهة الحائط
