مطلق الحجايا
كنّت في مناسبة فقدم المعزب الغداء واجتمعنا على السدر مجموعة من عدة مناطق بل بعضنا من خارج الأردن
وكعادة بعض الأردنيين قام شاب بفت الخبر وتقطيع اللحم على من حوله
فالتفت احدهم غاضبًا في وجه من يقطع له اللحم والخبز وقال من أي القبائل انت ؟؟
قال: من القبيلة الفلانية
فرد عليه ما علموك اهلك انه من المنقصة في حق المعزب ان تقطع لمن حولك ؟؟
فأصيب الشاب بحرج كبير وما استطاع ان يرد عليه
طبعًا هذه المسألة كل منّا له وجهة نظر خاصة به ومادام الأطباع والأذواق البشرية مختلفة فحتمًا سيكون هناك اختلافات
ولكن حقيقة ذلك الضيف كان ينقصه الأدب والخلق في التعامل مع ذلك الشاب الذي كان يظن ان ذلك الفعل من الكرم والإيثار وحسن الجوار على من حوله على الصحن وكان بإمكانه ان يوجهه بطريقة احكم وافضل لكن الله يؤتي الحكمة من يشاء من عبادة ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرا
ولذلك فإن هناك من الناس من ينظر لتقطع اللحم وفت الخبر من الكرم ومن الخصال الطيبة التي تدل على السرور بقدوم الضيف والرغبة في زيادة إكرام الضيف وهذا ما تفعله معظم القبائل الأردنية التي عاشرناها وتعاملنا معها وضفناهم وضافونا
وفي المقابل هناك بعض القبائل أو الأفراد لا يرتضون هذا الأمر ولا يقبلونه وقد يصل الامر ببعضهم الى القيام عن الطعام او بإزاحة الطعام الذي قطعته ولا يأكل منه شيئًا او يردك ويمنعك من التقطيع له
ولهم وجهة نظر في ذلك منها:
– ان التقطيع منقصة للمعزب صاحب الوليمة الذي قدم طعاما يكفي للجميع
– وهناك من يرى بأنه ليس طفلًا حتى تقطع له فهو رجل يأكل بيده ويأكل ما يريد وكما يقال الحر ياكل بمخلابه
– وهناك من ينظر للموضوع بنظرة مختلفة فقد يكون الشخص الذي يقطع الطعام غير مهتم بنظافته كأن تكون أظافره طويلة وتجمعت فيها الأوساخ او ان يده اثناء الطعام قد اختلطت بريقه اثناء الأكل فيصبح الامر في منظاره مقرف نفسيًا او وسيلة لنقل الأمراض
ودائما الأسلم لك اذا لم تعرف اطباع الآخرين ان تطبق السنة في التعامل مع الوليمة وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه مع الغلام الذي كانت تطيش يده في الصحن يمينا وشمالًا فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم وأدبه وقال له :
ياغلام سم بالله وكل بيمينك وكل مما يليك
بل كان صلى الله عليه وسلم يراعي اذواق الناس وطبائعهم فقد كان صلى الله عليه وسلم اذا اكل التمر واراد ان يخرج الفصمة من فمه لا يخرجها بأصبعيه بل يقذفها من فمه مباشرة على ظهر يده ثم يلقيها حتى لا يختلط ريقه صلى الله عليه وسلم بالتمر الذي في الصحن اذا اراد ان يأكل حبة أخرى علمًا ان ريقه صلى الله عليه وسلم اطيب ريق بل كان ريقه صلى الله عليه وسلم شفاء وكانوا يأخذون من ريقه وعرقه ويمسحون به جلودهم ومع ذلك كان صلى الله عليه وسلم سيد الرقي والإتيكيت في التعامل مع أذواق البشر وطبائعهم
فعندما تتعامل في حياتك بالسنة ستخرج نفسك من كثيرٍ من الخلافات في الأطباع و العادات