وطنا اليوم:يعد وادي الريان في لواء الكورة بمحافظة إربد، أحد أبرز وجهات المتنزهين، لما تتمتع به منطقة الوادي من أجواء طبيعية خلابة، جعلته مقصدا لعشرات آلاف الزوار والسياح سنويا، حيث يضم مئات الدونمات من البساتين ومزارع التين والرمان والعنب، ويضم عيون مياه تتدفق وتجري على جانبيه، بالإضافة إلى طاحونة “عودة” التاريخية التي بنيت بالعصر العثماني وخضعت لإعادة تأهيل وترميم عام 2005 من قبل دائرة الآثار العامة.
إلا أن ضيق واهتراء الطريق إلى وادي الريان، بات يفسد متعة المتنزهين أكثر من أي وقت مضى، وذلك لاضطرارهم إلى البحث عن مواقع بديلة في ظل عدم قدرتهم على سلوك الطرق المؤدية إلى الاستراحات الشعبية في الوادي، وقضائهم أكثر من 3 ساعات في بعض الأوقات من أجل قدرتهم على المرور من الطريق في حال سلوكه.
فالطريق الذي لا يتعدى طوله 3 كيلومترات، لا يتسع عرضه إلا لمركبة واحدة، حيث تعلق المركبات في منتصف الطريق في حال صادف مرور مركبة أخرى في الاتجاه المقابل، مما يضطر السائق إلى المكوث لساعات لحين القدرة على مغادرة الطريق.
ويشهد الوادي على مدار الأسبوع حركة نشطة من قبل المواطنين، فيما تنتشر فيه عشرات الاستراحات الشعبية التي توفر خدمات الطعام والشراب وبأسعار مقبولة للجميع، كما يقصده متنزهون من داخل وخارج اللواء، خصوصا في الأيام التي ترتفع فيها درجات الحرارة، حيث يلوذ المتنزهون إلى تجمعاته المائية هربا من حرارة الطقس الملتهبة.
وسبق أن أبدى مالكو استراحات في الوادي، أملهم بأن يصبح الوادي وجهة أكثر قدرة في أن يكون وجهة رئيسية للسياحة الداخلية والخارجية، في حال استثماره سياحياً على الوجه الأمثل وتوفير الخدمات المطلوبة من الجهات الرسمية لبنيته التحتية، لا سيما أنه سيوفر المزيد من فرص العمل للشباب.
وطالبوا في الوقت ذاته، بتوسعة الطريق المؤدي إلى الوادي كونه بات مصدرا لتذمر وتخوف العديد من الزوار الذين يجدون صعوبة في الوصول إلى المنطقة، في ظل ازدحام المركبات على الطريق.
ويوفر الوادي المئات من فرص العمل في ظل وجود مزارع الرمان والتين والحمضيات الأخرى، إضافة إلى وجود مزارع حليب وأبقار، الأمر الذي يتطلب من الجهات المعنية استثمار الموقع سياحيا من خلال توسعة طريق الوادي باستملاكات من الأراضي المملوكة للمزارعين أو فتح طريق محاذ للطريق الحالي بحيث يكون هذا الطريق باتجاه واحد.
ووفق المزارع محمد المستريحي، فإنه “يواجه صعوبة يومية في التنقل من وإلى الوادي جراء اهتراء الطريق وضيقه إلى جانب المعاناة الأخرى في استخدام الأساليب البدائية في عملية التنقل من أجل تفادي الوقوع في أزمة خانقة قد تستمر لساعات”.
وأشار المستريحي إلى أن “المزارعين تقدموا بمطالبات عدة للجهات المعنية من أجل ضرورة توسعة الطريق غير الرئيس إلى 12 مترا لإيصال الكهرباء من خلال فلس الريف، بينما الطريق مرسوم 6 أمتار كطريق زراعي”.
وأضاف، “يعد الوادي كنزا طبيعيا ساحرا بما يحويه من مقومات متنوعة تستدعي مزيدا من الاهتمام وسرعة وجدية في الإنجاز والعمل، خصوصا أن عملية تطوير الوادي ليصبح نقطة جذب سياحي تسير ببطء شديد جدا”.
ويؤكد المواطن فراس بني حمد، أن “الحافلات السياحية الكبيرة لا تستطيع المرور في الطريق بسبب ضيقها، مما يضطر السياح في الحافلة إلى النزول من الحافلة بداية الطريق والمشي سيرا على الأقدام”.
ولفت بني حمد، إلى أن “المنطقة تعد من أجمل المناطق في المملكة لما تحتوي على مجرى مائي، ناهيك عن الأجواء اللطيفة في الوادي في ظل ارتفاع درجات الحرارة، حيث إن المنطقة يزورها آلاف المواطنين وخصوصا في نهاية الأسبوع”.
من جهته، يقول رئيس جمعية السنابل الذهبية فادي مقدادي، إن “الجمعية والهيئة الوطنية التطوعية (المبادرون) في الجمعية تبنت قبل سنوات توسعة طريق وادي الريان جديتا بعد الاتفاق مع أصحاب المزارع”.
وذكر مقدادي، أن “العمل جاء بعد الاجتماع مع أهالي جديتا وأصحاب البساتين الذين أبدوا استعدادهم للعمل لخدمة منطقتهم وأهلهم وضيوفهم، حيث تم البدء بأعمال التوسعة بجهود أهلية وتبرعات مجتمعية، إلا أن التوسعة لم تكن كافية لاستيعاب العدد الكبير من زوار المنطقة”.
وفضلا عن أن الوادي، يعد نقطة جذب سياحي، فإنها تشكل في المقابل مصدر رزق ودخل للأهالي، حيث يشتهر بزراعة أصناف مميزة من الرمان حصلت على شهادة الآيزو العالمية، إضافة إلى أشجار التين والمشمش، فيما يعد وادي الريان، موردا رئيسيا لدخل مئات الأسر في بلدة جديتا التي يتبع لها، ويزيد عدد سكانها على 23 ألف نسمة، يعتمد غالبيتهم على بيع محاصيل الرمان المميزة إلى جانب التين والعنب.
وبحسب مقدادي، فإن “التوسعة كانت بمرحلتين، لتوسعة متر من أراضي المواطنين من على يمين الشارع وإزالة الأنقاض والحجارة، وأيضا قص الأشجار والأغصان التي تحجب الرؤية وبعض السلاسل الحجرية، وتم أيضا تدعيم قناة المياه وبناء جدار لحمايتها وأيضا توسيع متر أو أكثر من على يسار الشارع، حيث أصبح الشارع يتسع لأكثر من آلية وسيارة”.
ومن وجهة نظر رئيس بلدية برقش خالد الفقيه، فإن “المنطقة ستبقى تعاني سياحيا ما لم تقم وزارة السياحة والآثار بوضع المنطقة على الخارطة السياحية من جهة وتوفير البنية التحتية اللازمة للمنطقة”.
ولفت الفقيه إلى أن “طول الطريق المؤدي إلى وادي الريان طوله ما يقارب 4 كيلومترات وغير نافذ وهو تابع لوزارة الأشغال والمصنف زراعيا والمفتوح منه لا يتجاوز 3 أمتار، ويعاني من الاهتراء وسوء بنيته التحتية”.
وأكد أن “الطريق بحاجة إلى توسعة وتزويده بلوحات إرشادية وتخصيصه لاتجاه واحد على أن يتم فتح طريق بديل بسعة 20 مترا وهو شارع مرسوم تابع لوزارة الأشغال موجود على سفح الجبل”.
وبين الفقيه أن “تنمية المنطقة سياحيا بحاجة إلى تكاتف الجهود من وزارة السياحة والأشغال والبلدية من أجل الخروج بمنتج سياحي عالمي في ظل جمالية المنطقة والمناظر الخلابة”، لافتا إلى أن “تطوير الموقع بحاجة إلى إمكانيات مالية وإرادة حقيقية، والبلدية في ظل موازنتها المتواضعة لا تستطيع تنفيذ فتح الطرق وتعبيدها”.
بدوره، أكد الناطق الإعلامي في وزارة الأشغال العامة والإسكان عمر محارمة، أن “طريق وادي الريان باتجاه الرهوة تم إدراجه ضمن أعمال كشط وتعبيد، وهو حاليا معبد بسعة 8 أمتار خلطة”.
وأضاف محارمة، أن “طريق وادي الريان المحاذي للوادي، هناك أجزاء منه مرسمة بسعة 6 أمتار، وأجزاء أخرى بسعة 3 أمتار، وهو بحاجة لإعادة ترسيم بسعة أكبر لعمل التوسعة علما بأنه بحاجة لأعمال قطع عالية عند التنفيذ”.
يشار إلى أن مشروع تطوير وادي الريان السياحي يراوح مكانه منذ أكثر من 4 أعوام، بعد أن استملكت وزارة السياحة والآثار 4 دونمات و700م، وأنجزت دراسة خاصة بقيمة 50 ألف دينار، حيث توقف المشروع عند هذا الحد.
والمشروع، حسب الدراسة يتضمن إنشاء مركز للزوار وبنية تحتية وأكشاكا للاستثمار ومرافق ودورات صحية، ومواقف للحافلات السياحية والمركبات الصغيرة ومناطق للتنزه وألعابا متنوعة بكلفة تصل لـ600 ألف دينار.
ووفق تصريحات سابقة لعضو مجلس المحافظة عن منطقة الكورة وصفي بني حمد، فإن المشروع متعثر لغاية الآن دون معرفة الأسباب، لافتا إلى أن المجلس خصص في موازنته العام الماضي مبلغ 50 ألف دينار للبدء بالمشروع كمراحل، لكن المخصصات نقلت إلى قطاع آخر بعد توقف المشروع.
وأشار بني حمد إلى تخصيص مبالغ سابقة أيضا للمشروع ضمن موازنة عام 2022، منوها إلى أن المجلس سيتابع عملية تنفيذ المشروع وأسباب عدم البدء بمرحلته الأولى، وفي حال وجود أي عوائق فسيخاطب المجلس الجهات المعنية لتذليها.
وأشار كذلك إلى أن منطقة وادي الريان، تعتبر من أجمل المناطق في الأردن، لكن غياب الاستثمار في الوادي يحول دون حدوث تنمية اقتصادية في المنطقة، والتي من شأنها توفير فرص عمل لأبناء المنطقة، وإيجاد متنفس حقيقي للمتنزهين بدل العشوائية في عملية التنزه.
وأكد بني حمد، أن عشرات المواقع السياحية في اللواء، ما تزال تنتظر تأهيلها من قبل وزارة السياحة، وأن مجلس المحافظة على استعداد لرصد المخصصات اللازمة لأي مشروع، تعتزم السياحة تطويره ليصبح مقصدا للسياح.
ويطالب مواطنون بسرعة إنجاز هذا المشروع، وتدخل الجهات المعنية لتذليل أي معيقات تواجهه بعد توقفه لسنوات، لافتين إلى أن السياح يضطرون لافتراش الأرض عند توجههم إلى الوادي في ظل غياب أي مشروع استثماري في المنطقة.