عندما يُصبحُ الزيوانُ علامةً تجاريةً وطنيةً

23 يونيو 2024
عندما يُصبحُ الزيوانُ علامةً تجاريةً وطنيةً

د. عادل يعقوب الشمايله

كَثرةُ الزيوانِ تزيدُ كميةَ القمحِ ولكنها تُخَفِضُ سِعرَهُ وبالمحصلةِ: يَقِلُّ كسبُ الفلاحِ بدلَ أنْ يزيد.
وهذا ما حصلَ للجهاز الحكومي الذي غلبَ عليهِ الزيوانُ حتى اصبحَ ظاهرةً في مختلف مستويات الجهازِ الحكومي.
ظاهرةً الزيوانِ في الجهاز الحكومي تكادُ أن تكونَ نتاجَ سياسةٍ مقصودةٍ Public Policy. فلمْ تَعُدْ زراعةُ بذورِ القمحِ المُنقى المحصنَ ممارسةً حكوميةً كما يفعل الفلاحُ الفطن وكما تفعلُ الحكوماتُ الرشيدةُ في دولِ العالمِ الاول. ولذلكَ فإنَّ من المؤكدِ أنَّ حصادَ حقلِ القمحِ المملوءِ بالاشواك سَيُدمي أيادي الحصادين بعد ان تأخرَ تعشيبهُ.
فالاقتصادُ الاردنيُ في اسوأِ حالاته بسببِ تراوحهِ ما بين الجمودِ والتراجع خلالَ العقدينِ الماضيين على الأقل، وانقطاعِ نَفَسِ القطاعِ الخاص نتيجة محاولتهِ اليائسةِ إنقاذَ ما يُمكنُ انقاذهُ من عبثِ صبيانِ صندوق النقد الدولي والمُخططينَ المراهقين ومحاولته مد الحبل للاقتصاد الوطني لجر نموه السنوي من الوادي السحيق والصُعود بهِ الى سفح جبل النمو. الا أنَّ عضلةَ قلبِ القطاعِ الخاص ضَعُفَتْ ويوشكُ القطاعُ الخاصُ أنْ يُصابَ بالسكتةِ القلبية. فقد نالَ منهُ ارتفاع الضغط الضريبي والضغط البيروقراطي وارتفاعُ سعرِ الفائدةِ والسياسةُ الانكماشية الغبيةُ. كما أنه اصبح مصاباً بالامراض النفسية كالاكتئاب والجنون والهذيان بسبب فشلهِ في تفسيرِ الحكمةِ من السياسات الحكومية غير الاقتصادية السقيمة.
الخدماتُ المقدمةُ للمواطنين بكافةِ مسمياتها في ادنى مستوى بعدَ رحلةِ تدحرجٍ مستدامةٍ، والبنيةُ التحتيةُ مترديةٌ وتتردى اكثرَ فأكثر لأنها اصلا لم تكن بأحسن المواصفات لاسباب يعلمها الواعون، ولأن صيانةَ الاستدامةِ غائبةٌ تقريباً وتواجهُ بالامبالاة.
نسبُ البطالةِ والفقرِ ، ومعدلُ عدمِ العدالةِ حسبَ “مقياسِ جِيني Gini coefficient“ والمتمثلِ باتساعِ فجوات الدخل بين طبقات المجتمع الناجمِ عن غيابِ المساواة وعدم تكافؤ الفرص والتهميش والتطنيش بين المواطنين واتجاههم رغم أنها افعالٌ تتناقضُ مع الحقوق التي نصَّ عليها الدستور، وبيئة الانتهازيةِ والتنفعِ والتنطعِ، والمواجهات الضاريةِ بين الاقاليم والمحافظات والقبائل والعشائر والافخاذ وبين العائلات ضمن القبائل والعشائر على الغنائم وكأننا في عصرِ الجاهليةِ، كُلُّ ذلكَ ساهمَ في اعادةِ الوطنِ الى حالٍ قريبٍ من حالِ الدولة العثمانية التي تكالبت عليها الامراض الدستوريةُ والقانونية والاقتصاديةُ والفسادُ، والضرائبُ المرتفعةُ، وفي نفسِ الوقت تفسي الأُميةُ التي تجاوزت نسبتها ١٠٠٪؜, وعدم وجود رعايةٍ صحيةٍ وبنيةٌ تحتيةٌ، لأنَّ اولويةَ الانفاقِ الحكومي كانت لتمويلِ الغزو واخمادِ ثوراتِ التحررِ من قبلِ الشعوبِ المُحتَلةِ اراضيهم، وثوراتِ المظلومين والمضطهدين، وتفشي الجهلَ بمعناهُ الواسعِ ومن بينهِ الجهلُ بالعالم الخارجي والجهلُ بالواقع، والتجهيلُ الممنهج لترسيخ الجهلِ وتعميقهِ وتوسيعِ ظُلمتهِ بلْ عتمته، فعصيَ ثُمَّ استحالَ علاج امراض مملكة عائلة آل عثمان فاستحقت عن جدارةٍ لقبَ رَجلِ اوروبا المريض، والنتيجةُ يعرفها كلُّ من لمْ يَقْتُلُ بوعيٍ وعيهُ.

لهذا، حُقَّ لحكومات الاردن المتعاقبة وشاغليها أنْ يفخروا بإنجازاتهم وان يستحقوا لقب “رموز وطنية” والتنقل من منصب الى منصب بدءاً من مهد المنصب الوزاري او النيابي او العينية ويأس اللحد ان يدق ابوابهم. مرجى والفُ مرحى للزيوان عندما يُصبحُ عجينَ الخبز ورغيفَ الطابونِ ورمزا وطنياً.