وطنا اليوم:ومازال ” مايفوق الواقع ” يخرق فضاءات واقع المغرب العربي، وهذه المرة في ربوع فاس العالمة،، من الأردن البهي، هبت نسائم الشعر والإبداع بيد الشاعر بسام، رسام الجمال، خطاط ملامح واقع يفوق الواقع، في رحلة إبداعية ماتعة تجمع بين سمو الحرف، وفنية التطريز، وفخامة المبنى،، بحثا عن السلام، والكرامة والحب في إصدار رائع: ديوان شعري ” مايفوق الواقع ” للشاعر الإنسان المبدع أ بسام سعيد عرار،،،،،
في الواقع أطلت الوقوف على عتبات محراب بوح مبدعنا الراقي ، أغرف ماشاء الله لي من بهاء الدلالات، وحكمة المعاني، لراهب نسج عباءات البهاء من قاع خابية الحبك والتطريز؛ وليستوقفني العنوان بحمولته الوازنة، وكمِّ دلالاته المختزلة : ” مايفوق الواقع ” رمزية التطلع والتحليق بعيدا، حيث جذوة الأخوة والمحبة والسلام، أداتها نفي الظلام والفساد والانانية ، وانبثاق فكر يفجر ينبوع الحياة الكريمة،، ويعيد للانسان إنسانيته المسلوبة، بعيدا عن تسلط ” الأنا ” ،، في عمق نصوص تشكل في النسيج العام، وحدة كلية بين ذات المبدع والآخر، في تيمات متنوعة، وإن كانت في مجملها تصب في مجرى واحد : سبيل الوصول إلى واقع يفوق الواقع ، بنظرة حكيم، يرى وضعا آيلا للسقوط، في تجليات مايفوقه باطنا وظاهرا، وما يتخلله من توق لعالم متخيل مرتجى؛ عالم يتأرجح بين الواقع والحلم،، كما جاء في : ” بين الموئل والمدى “
“جسر وصال ممتد
“”” “”””””
تظل ذاكرة في غربال الأجيال
تهدي للمدى كل هذا وذاك”
بين المعيش والمأمول، الوجود واللاوجود ، في أتون عالم جبار مارد، في حاجة لمن يردعه، يقوم اعوجاجه، ويصحح مساره الإنساني، إذ ينتمي الشاعر إبداعيا إلى زمرة الحالمين باوطان متحررة ، بفلسطين قارب وضعها ” بفينيق” رفرف من رماده إلى علياء السماء، في ايحاء صارخ جلي للانعتاق والانبثاق والتحرر، حين” نأت المسافات عن مداها الواصل” في ” موعد عشق وشوق “،،،
لكل متمعن في حيثيات هذا الإصدار حكمت بها الظروف والواقع، يلاحظ ملامح تحولات الذات الثائرة، وانسلاخها من واقعها الراهن المرير، إلى واقع مأمول، يجوب فيه الشاعر إلتواءاته أملا منه في التحليق إلى الواقع الحلم، حين قال :
” عند الحرث والزرع يحدوه الأمل
صيرورة ربيع قادم
يترقب الزارع في الخريف
مع قطرات الغيث يستبشر خيرا “
ليجرنا بذلك جرا الى متاهات البحث والنبش عن حقيقة ” الأنا ” و” الآخر ” وحالات تجلياته بين هدأة النفس وثورتها في فورة من غضب صارخ لا يسكن أواره، منتصرا بذلك للبعد الإنساني
حين يقول :
” الجعاب ملأى تكتنز بلا نهاية
زاد الروح الآخر الفريد المديد
نشأة قلب من نقاء
لحمة ضمير من بياض “
ليعرج بعد ذلك لمغازلة القلم، ووضعه فوق عرش فصوله المتقلبة، ومواسم حصاده الصيفية بقفزات رائعة رائدة،،
حين يشهق باعتداد :
” مفتاح الدروب
بين هذا وذاك
“”””” “”””””””””
يتفتق عن كلمات جامعة
يوثق الحال واستشراف المآل
يتخلل تقلبات المواسم “
وبأسلوب سلس، بالإتكاء على المحسنات البديعية، دون تقعر معجمي، وفي إشارة واضحة لاستنبات حياة من رحم الدمار، في رحاب تربة صالحة للزراعة،، يعبِّد الطرق، يجمِّل ” محصول زوان تتقاذفه الرياح “، ليرتقي من واقعه إلى أمداء ارحب بين مد الإكراهات والصعاب وجزر التطلعات والتمني في ” منحنيات مائزة ” وأحلام مؤجلة،،،،،
شطحات حلاجية تلون في تماهي، إلتماعات عابرة حدَّ الإنصهار والتجلي، حين حلق بنا شاعرنا النبيل بسام سعيد عرار:
” أين أنت مني ؟؟
من إلاك يضمني وأضمه
حدَّ الإلتحام والإنصهار
كلينا في واحد “
إشراقات منفلتة، تائهة في غابات الصنوبر، تتوق في ثوب عرسها الرمادي، وبين رموش أفنانها إلى زواويش امل مثقلة بالنغم، إلى واقع آخر، واقع يجمع شتات الدفء الإنساني، ويرتق اسمال امان مرتقبة،،،
ليرسم بذلك مبدعنا خارطة الخلاص، بكلمات مدروسة ونبضِ محزونٍ عركته تجارب الحياة،،،،
ترى هل تمكن الكاتب من لملمة شروخ روحه المكلومة؟
هل نجح في إثبات الهوية، وسط غبار التسلط والفساد ؟
الشاعرة / فريدة مزياني. المغرب