وطنا اليوم – رصد – توجهت شبكات تهريب المخدرات الناشطة في جنوب سوريا إلى اعتماد أساليب مبتكرة لتمرير هذه المواد السامة إلى الأردن، من قبيل استخدام المسيرات، بعد تشديد المملكة الرقابة على عمليات التسلل عبر حدودها.
ويخوض الأردن حربا شرسة مع هذه الشبكات التي يتهم النظام السوري والميليشيات الموالية لإيران بالوقوف خلفها، لكن متابعين يرون أن التحرك الأردني يبدو غير كاف وأنه يستوجب تحركا مشتركا مع الأطراف المعنية والمستهدفة لتفكيك هذه الشبكات.
وقال الجيش الأردني الثلاثاء إنه أسقط طائرة مسيرة محملة بالمخدرات وقادمة من سوريا وكانت متجهة إلى منطقة حدودية بشمال المملكة، مضيفا أن الأردن لن يسمح بأن تصبح المنطقة الحدودية جبهة في حرب مخدرات مرتبطة بإيران.
وحمّلت المملكة ميليشيات مؤيدة لإيران مسؤولية تهريب المخدرات عبر حدودها إلى دول الخليج، وقالت إن وحدات تابعة للجيش السوري توفر الحماية لهذه الميليشيات.
وتقول دمشق إنها تبذل قصارى جهدها للحد من التهريب وتواصل مساعيها لضبط عصابات المهربين في الجنوب. وتنفي مشاركة ميليشيات مدعومة من إيران ومرتبطة بجيشها وقواتها الأمنية في عمليات التهريب.
الأردن يخوض حربا شرسة مع شبكات تهريب المخدرات التي يتهم النظام السوري والميليشيات الموالية لإيران بالوقوف خلفها
ودفعت الزيادة الحادة في محاولات التهريب الأردن منذ العام الماضي إلى تعديل قواعد الاشتباك للجيش على الحدود، مما منح الجيش سلطة استخدام القوة الساحقة.
وقال الجيش في بيان “القوات المسلحة الأردنية ماضية في التعامل بكل قوة وحزم، مع أي تهديد على الواجهات الحدودية، وأية مساع يراد بها تقويض وزعزعة أمن الوطن وترويع مواطنيه”.
وأضاف أنه تم رصد الطائرة المسيرة وإسقاطها داخل الأراضي الأردنية.
ويقول مسؤولون معنيون بمكافحة المخدرات في دول الغرب وكذلك تقول واشنطن إن سوريا التي أنهكتها الحرب صارت الموقع الرئيسي في المنطقة لتجارة مخدرات تقدر بمليارات الدولارات، كما يعتبرون الأردن نقطة عبور رئيسية لدول الخليج بالنسبة إلى مخدرات الأمفيتامين المصنعة في سوريا والمعروفة باسم الكبتاغون.
ويقول مسؤولون أردنيون إنهم ناقشوا مخاوفهم مع السلطات السورية لكنهم لم يروا أي محاولة حقيقية لتضييق الخناق على التجارة غير المشروعة.
وقالت مصادر من المخابرات المحلية والغربية إن عمان نفذت ضربات جوية نادرة على جنوب سوريا الشهر الماضي، حيث استهدفت مصنعا للمخدرات مرتبطا بإيران وقتلت مهربا يدعى
مرعي الرمثان تردد أنه كان وراء تهريب كميات كبيرة من هذه المادة عبر الحدود بين البلدين.
وصرح مسؤولون بأن الضربات كانت رسالة إلى دمشق لتنبيهها إلى ضرورة عدم إساءة فهم عمان في الوقت الذي شاركت فيه في الجهود العربية لإنهاء القطيعة مع سوريا.
وأفاد مسؤولون بأن الأردن طلب المزيد من المساعدات العسكرية الأميركية لتعزيز الأمن على الحدود، حيث قدمت واشنطن منذ بدء الصراع المستمر منذ أكثر من عقد في سوريا نحو مليار دولار لإنشاء مراكز حدودية.
ويشترك الأردن مع سوريا في حدود يبلغ طولها نحو 375 كيلومترا.
وإلى جانب الأردن يشكل العراق أيضا معبرا رئيسيا لتمرير المخدرات من سوريا باتجاه دول الخليج، وسبق أن تطرّق وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إلى هذا الموضوع خلال لقائه في وقت سابق من الشهر الجاري في بغداد بنظيره السوري فيصل المقداد.
وقال حسين إنه من المعلوم أن العراق ممر لهذه الحركة ومع الأسف بدأ استهلاك المخدرات يتفشى في المجتمع العراقي، مشددا على ضرورة أن تكون هناك خطة مشتركة للتصدي لشبكات التهريب.
وتنفي حكومة الرئيس السوري بشار الأسد التورط في صناعة المخدرات وتهريبها. وتقول إيران إن المزاعم جزء من المؤامرات الغربية، لكن التقارير تؤكد أن الطرفين متورطان في هذه التجارة.
ويشير المتابعون إلى أن النظام السوري الذي استُنزف ماديا جراء الحرب والعقوبات الغربية فسح للميليشيات مجال إنتاج هذه المواد، ولاسيما الكبتاغون، لتمويل خزينته.
ويلفت المتابعون إلى أن الأمر تطور بإدراك دمشق أن بإمكانها استغلال هذه التجارة من أجل تحقيق مكاسب سياسية، من قبيل إجبار دول المنطقة العربية على إنهاء عزلة سوريا.
ويرى هؤلاء أنه لا يمكن أيضا حصر هذه التجارة في النظام السوري والقوى الموالية له، حيث أن المعارضة أيضا تنشط بقوة في هذه التجارة.