وطنا اليوم:يبدأ الرئيس الصيني شي جينبينغ، الاثنين، زيارة دولة إلى روسيا تستمر ثلاثة أيام، “من أجل السلام” مع أوكرانيا، بعد أيام من وساطة بكين بين السعودية وإيران لإنهاء أزمتهما التي استمرت سبع سنوات.
وفي مقال نشرته صحيفة روسيسكايا غازيتا الروسية، فقد وصف الرئيس الصيني الزيارة بأنها “رحلة صداقة وتعاون وسلام” فيما ينظر الغربيون بحذر إلى العلاقة بين البلدين.
وكتب شي: “أتطلع إلى العمل مع الرئيس بوتين لنعتمد معا رؤية جديدة” للعلاقات الثنائية.
وتطرح الصين نفسها في موقع الوسيط في النزاع بين روسيا وأوكرانيا داعية إلى مفاوضات سلام بين موسكو وكييف، بعد أيام من تسهيل استئناف العلاقات الدبلوماسية مؤخرا بين السعودية وإيران.
وسبق لبكين أن عرضت في موسكو خطة للسلام من أجل تسوية سياسية للنزاع في أوكرانيا، عشية الذكرى الأولى لاندلاع الحرب في 24 شباط/ فبراير 2022.
وفي مقال نشرته صحيفة صينية الاثنين، أثنى بوتين على “عزم الصين على لعب دور بناء في تسوية” النزاع معتبرا أن “العلاقات الروسية الصينية بلغت ذروتها التاريخية”.
وتأتي زيارة الرئيس الصيني بعد أيام على إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي لاتهامه بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا على خلفية “الترحيل غير القانوني لأطفال من المناطق المحتلّة في أوكرانيا إلى روسيا الاتّحاديّة” منذ بدء الغزو الروسي لهذا البلد.
ويعقد الرئيسان خلوة “غير رسمية” الاثنين تليها مأدبة عشاء، قبل أن يجريا محادثات الثلاثاء، على ما نقلت وكالات الأنباء الروسية عن المستشار الدبلوماسي للكرملين يوري أوشاكوف.
وسيوقع الرئيسان بصورة خاصة بحسب أوشاكوف “إعلانا مشتركا… حول ترسيخ علاقات الشراكة الشاملة والعلاقة الاستراتيجية مع الدخول في عصر جديد”، كما أنهما سيوقعان وثيقة تتعلق بالتعاون الاقتصادي الثنائي حتى 2030.
وأوردت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن شي جينبينغ قد يجري كذلك محادثات مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد عودته إلى الصين، تحت شعار حياد بلاده المعلن.
ونشرت صحيفة “صندي تايمز” مقالا للصحفية المتخصصة في الشؤون الصينية كيتي ستالارد، ذهبت في عنوانه إلى أن زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى موسكو إنما تستهدف ضمان أن يكون هناك منتصر وحيد في الحرب الأوكرانية – هو شي جينبيغ.
وقطعت ستالارد في بداية مقالها بأن الرئيس الصيني لم يذهب إلى موسكو ليصنع سلاما، مؤكدة أن شي يريد ضمان ألا تخسر روسيا الحرب.
ونوهت الكاتبة إلى دعم الصين لنظام فلاديمير بوتين اقتصاديا خلال تلك الحرب. كما رصدت تحذير واشنطن، الشهر الماضي، من مغبة إقدام بكين على دعم روسيا عسكريا كذلك.
ونبهت ستالارد إلى أن هذا الدعم من جانب شي لا ينبع عن محبة لـبوتين، وأن الرئيس الصيني يتطلع إلى تعويض ما كلّفه التزامه بعلاقات وطيدة مع نظام بوتين.
ولفتت الكاتبة إلى البُعد التجاري لهذه العلاقات، والتي أفادت منها بكين كثيرا العام الماضي، مشيرة إلى أن الصين تتزود بالنفط والغاز الروسيين اللذين يصلان إليها مباشرة عبر الحدود المشتركة بين البلدين حيث لا يمكن للولايات المتحدة ولا أي من حلفائها أن يقطع وصول تلك الإمدادات في أي صراعات مستقبلية.
بدورها، سلطت صحيفة “وول ستريت جورنال” الضوء على الجانب الاقتصادي، قائلة إنه “لعقود من الزمان، كانت الصادرات الصينية موجهة إلى حد كبير نحو الولايات المتحدة وأوروبا واليابان”.
ورغم العقوبات الدولية على روسيا ومغادرة العديد من الشركات الأجنبية أراضيها، فقد تكثّفت التبادلات التجارية بين موسكو وبكين، وبلغ حجم التجارة الثنائية العام الماضي 190 مليار دولار، وفقا للجمارك الصينية، وهو رقم قياسي.
ونمت التجارة بين روسيا والصين أكثر من 30 بالمئة العام الماضي لتصل إلى 1.3 تريليون يوان، لكن هذا لا يمثل سوى ربع قيمة الواردات والصادرات بين الصين والولايات المتحدة، وفقا لـ”وول ستريت جورنال”.
ويقول محللون أمنيون صينيون وغربيون إن الصين، التي وصلت إلى مكانتها الاقتصادية من خلال الوضع الراهن، تسعى إلى تغييرات تعزز مصالحها وتعقد التعاون الثنائي القومي.
وفي ورقة بحثية حديثة، كتب الباحث في معاهد شنغهاي للدراسات الدولية في الصين، تشاو لونغ، أن العلاقات بين الصين وروسيا بعيدة كل البعد عن كونها “كتلة متجانسة”.
أما صحيفة “لوموند” الفرنسية”، فاعتبرت أن الرئيس الصيني سيكون المنتصر الوحيد من زيارته إلى روسيا، حيث سيصل إلى هناك متوجًا بنجاح كبير بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية، بفضل وساطة بكين.
وأضافت الصحيفة: “دليل إضافي، وفقًا للصين، على أن العالم يكون في وضع أفضل عندما يتولى الجنوب العالمي زمام الأمور”.
ثم، لأنه باختيار روسيا، كما في 2013، للقيام بأول رحلة له بعد إعادة تعيينه في رئاسة جمهورية الصين الشعبية، يذكر شي قبل عشر سنوات في موسكو أن “العلاقات الصينية الروسية هي أهم العلاقات الثنائية في العالم”، على حد قوله، ما اعتبرته الصحيفة “طريقة أخرى للدلالة على التهميش المرغوب للغرب”