الدكتور هاشم ابو حسّان
عضو مجلس الاعيان سابقًا
نقيب الأطباء سابقًا
لقد جاء رد الفعل على تعديلات قانون المجلس الطبي سريعًا جدًا، وهذا ما ادى الى الاضطراب الحاصل في القطاع الطبي…
لوضع النقاط على الحروف، فقد تطورت مهنة الطب في الأردن ووصلت الى مستوى متميز على مدى سبعة عقود…قادها أطباء الاردن الرواد في الخدمات الطبية الملكية ووزارة الصحة وكليات الطب في الجامعات الأردنية ومن مختلف الاختصاصات، وبذلوا جهودًا كبيرة في سبيل ذلك، وتوقف المرضى في الأردن عن الذهاب للعلاج في الخارج، لا بل ان المرضى من الخارج و منذ ثمانينات القرن الماضي حضروا للعلاج من مختلف الدول العربية، إلا أنه تناقص عددهم في السنين الاخيرة لأسباب مختلفة!!!
تم إصدار قانون المجلس الطبي قبل حوالي أربعين عاما، وتم منح شهادة البورد الاردني كشهادة اختصاص، ووصلت الشهادة الى مستوى متميز، واعتبرت شهادة عليا، واصبح اطباء الاردن يذهبون للعمل في دول الخليج العربي كاستشاريين، وحضر أطباء من السعودية ودول الخليج لتقديم امتحان المجلس الطبي الاردني ليحصلوا على علاوات وترقيات، حتى انه في بعض السنين شكلوا اقل من النصف بقليل، واكتسبت الشهادة سمعة ممتازة، وكانت كاختصاص من عوامل رفعة الطب في الأردن…
لكن حصل ما لم يكن بالحسبان، فقد تم التوجيه بتعديل قانون المجلس الطبي في السنة الماضية لإلغاء الامتحان، وتنبه ابناء المهنة المخلصين، وتم عقد اجتماع في نقابة الأطباء لرؤساء جمعيات الاختصاص والجمعيات النقابية الأخرى ورؤساء اللجان الفرعية ووزراء الصحة السابقين ونقباء الأطباء السابقين واعضاء من مجالس النقابة السابقة و من اعضاء المجلس الطبي ومن جمعية المستشفيات الخاصة وأطباء من مختلف القطاعات، حوالي مائة وعشرين طبيب وطبيبة، وكان رأي الغالبية العظمى مع الإبقاء على امتحان المجلس الطبي (البورد الأردني)، وكتب الكثير من الأطباء ذوي المواقع المختلفة حول خطورة التعديلات ونبهوا لإمكانية تراجع تقييم شهادة البورد الاردني و ما ينتج عن ذلك من حرمان الاطباء من العمل في الخارج كاختصاصيين واستشاريين، وكذلك اهتزاز صورة الطب في الاردن، وعُقدت ندوة في مؤسسة شومان حول الموضوع، وكانت مخرجاتها تحذر من إلغاء الامتحان، و لكن وللاسف لم يستمع المعنيين لجميع الآراء، وتم الإصرار على إلغاء الامتحان، و ها نحن نرى بأعيننا النتائج…
هذا مثال حي على التراجع في الأردن في مختلف القطاعات، تراجع التعليم المدرسي والجامعي، تراجع الإدارة، ليتنا حافظنا على ما كنا عليه…
اتساءل من يتحمل مسؤولية الإصرار على تعديل القانون رغم تنبيه اصحاب المهنة وخبرائها والحريصين على سمعة ومستوى الطب في الاردن،
هل ممكن ان تمر الأمور وكأن شيئًا لم يكن ؟؟ ماذا يفعل أبناؤنا الأطباء والذين بذلوا الجهد ودفع اهاليهم دم قلوبهم في سبيل تعليمهم، نحن نجبرهم الآن للذهاب الى الخارج للحصول على شهادة الاختصاص لكي يتمكنوا من العمل بموجبها كاستشاريين في دول الخليج العربي
بعد ان كانوا يحصلوا عليها أثناء عملهم وتدريبهم في الأردن.
كذلك اتساءل هل ادت مجموعة الضغط ما عليها بدعم جهات داخلية لتدمير سمعة الطب في الاردن!!!
يجب محاسبة كل من ساهم في الذي حصل، كان يجب على الحكومة وعلى اللجان الصحية في مجلسي النواب والاعيان تنبيه صانع القرار، ولكن الذي حصل ان سارعت أغلبيتهم بتمرير القانون على أمل كسب الرضا…
الموضوع مطروح امام جلالة الملك للتوجيه بإلغاء ما تم والتراجع عنه، ومحاسبة كافة المعنيين حتى يعلموا أنهم يجب ان يقدموا النصيحة الصادقة ولا يمرروا اي قانون يؤدي إلى هدم البنيان.
ليكن ما حصل درس للجميع على كيفية التعامل مع اي توجه او قانون، وأن سماع مختلف وجهات النظر والقبول بما يصلح للاردن وازدهاره والأخذ بها هو واجب…
خدمة الاردن وازدهاره واجب على الجميع وبشكل خاص اصحاب المواقع من وزراء ومسؤولين ونواب وأعيان، عدا عن ذلك فليتنحى اصحاب الأيدي والعقول والقلوب المرتجفة.
حمى الله أردننا العزيز وطنًا حرا آمنًا مستقرًا ترعاه عناية الرحمن.