خطر الزلازل وأثرها على السدود

6 فبراير 2023
خطر الزلازل وأثرها على السدود

الدكتورة منى يعقوب هندية
تعد الزلازل من الكوارث الطبيعية التي تهدد حياة الناس، ويتجلى هذا الخطر عموماً من خلال تأثيرها على انهيار منشآت المدنية وخاصة السدود، لذا كان لابد من التفكير في حمايتها من الانهيار حتى تستمر في أداء الهدف الذي أنشأت من أجله. ومنها ايضا سلامة المجتمعات البشرية والممتلكات وكل الموجودات المحيطة بتلك السدود.
واعتمادا على نوع المادة المكونة للسد تنقسم السدود إلى نوعين رئيسيين، وكل منهما ينقسم بدوره إلى أنواع أخرى أكثر تعقيدا لا يتسع المجال هنا لذكرها، النوع الأول هو النوع الخرساني الذي عادة ما يتم بناء جميع أجزائه من الخرسانة الإسمنتية المسلحة، ويشترط عند بناء هذا النوع أن تتحمل التربة التحتية الضغط الهائل الناتج عن ثقل هذه الخرسانة، على سبيل المثال سد الوحدة وسد التنور وسد كفرنجة في الاردن.
ويتضمن النوع الثاني السدود الترابية أو الركامية التي تكون مادتها الإنشائية الأساسية من الحصى أو الركام بالإضافة إلى الرمال وإن كانت هذه الكتلة الحاجزة تبطن في جميع الأحوال بطبقة إسمنتية، وهذا النوع من السدود يتميز بانخفاض تكلفة بنائه نسبيا مقارنة بالنوع الأول، كما أن إنشاءه لا يتطلب عمل أساسات تحتية ضخمة مثلما الحال في السدود الخرسانية، لذا فإنه يكون أكثر عرضة للتصدع أو الانهيار مقارنة بالنوع الأول وإن كان هناك أكثر من عامل يحكم هذا الأمر، مثل قوة العامل الخارجي المؤثر (زلازل، متفجرات، براكين)، وطبيعة التربة التحتية، وطبيعة المنطقة الجيولوجية، وسلامة التصميم الهندسي، وخلافه، مثال على ذلك سد ركامي صخري: سد الملك طلال، سد وادي العرب، أما السدود الترابية: مثل سد الكفرين وسد وادي شعيب، سد الكرامة وسد شرحبيل بن حسنة.
يجب ان تجرى دراسات مرجعية ووطنية تبين الاثار السلبية التي تتركها الزلازل في استقرار السدود الترابية، بالإضافة إلى مراجعة تاريخية استقرائية لانهيار سدود في مختلف أنحاء العالم تحت وطأة الزلازل. أيضا يجب أجراء دراسات عددية التي تسمح بإيجاد معاملات الامان للسد تحت تأثير شدات زلزالية مختلفة وبالتالي التحقق من أمان السد وقدرته على البقاء.
هنالك العديد من التحذيرات المسبقة، حيث يتعاظم التحذير من انهيار السدود التركيّة العملاقة بسبب الزلازل. إنّ أيّ زلزال يضرّ بالسدود في تركيا سيترك آثاراً مدمّرة على العراق وسوريا. الخطر القادم من سد اليسو التركيّ على العراق على سبيل المثال.
كما ذكرت بعض التقارير التي اكدت في حالة تصدع أو انهيار  سد الموصل في العراق- فإنه يتوقع أن تداهم أول موجة فيضان للمياه المتدفقة من السد سكان المدينة والمناطق المحيطة في غضون ثلاث ساعات فقط، وهي فترة تعتبر غير كافية لإجلاء جميع السكان واتخاذ الإجراءات الاحتياطية والاحترازية اللازمة، ولا سيما في ظل عدم توافر نظام إنذار مبكر.
وعادة ما تكون الخسائر الاقتصادية الناتجة عن انهيار السد فادحة وباهظة التكلفة، وهذا بسبب تضرر البنى التحتية بشكل كبير وتعطل الخدمات الأساسية، خاصة إمدادات الكهرباء ومياه الشرب وشبكات الصرف الصحي، وبسبب تضرر أيضا الأراضي الزراعية وغرق المنشآت الصناعية وتوقف الإنتاج وفساد والبضائع المخزنة، فضلا عن تكلفة الإجلاء وتقديم تعويضات مادية مناسبة للأفراد والقطاعات المتأثرة.
يمكن تجنب أو التقليل من المخاطر والخسائر الواقعة في حالة انهيار أو تصدع أحد السدود من خلال أكثر من سبيل ونهج، مثل متابعة حالة السد بانتظام والقيام بأعمال الصيانة بشكل دوري، وإنشاء نظام للإنذار المبكر، وتجهيز خطط واقعية للإجلاء والإغاثة، وإعداد خرائط خاصة بأماكن الحماية والإيواء، وغير ذلك مما يساعد على إدارة الأزمة بكفاءة وفاعلية وقت حدوثها والحد من الخسائر المتوقعة. وعمل دراسات علمية معمقة بما يخص شيخوخة السدود والتي مضى على أنشائها أكثر من 50 عام، مثل سد الملك طلال وسد وادي شعيب وسد شرحبيل بن حسنة.

2 / 2
يبدو أن الأمن المائيّ الاردني مرتبطاً كثيراً بسلامة سدوده المحليّة (مع ما تحتويه من مناسيب قليلة من المياه)، وهناك ضرورة لجعلها آمنة من أيّ حوادث طارئة تتسبّب في تضرّرها، ولتهيئة تقنيّات الإصلاح السريع والناجع، أيضا فيما تبقى السدود في دول الجوار، لا سيّما في تركيا وسوريا، ذات أهميّة قصوى تدعو إلى التنسيق مع تلك الدول للاستفادة من سدودها، وفي الوقت ذاته تجنّب مخاطرها المحتملة أن وجدت.