الأحزاب والانتخابات … بدون أوهام !!

22 يناير 2023
الأحزاب والانتخابات … بدون أوهام !!

محمد داودية
أشد على أيدي الرجال والنساء الذين يتصدون للمهمة الوطنية الشاقة المنهِكة، مهمة تأسيس الأحزاب السياسية وتطويرها، مع احترام النوازع والدوافع الشخصية، والإقرار بها، باعتبارها نوازع ودوافع إنسانية طبيعية.
فالطموح الشخصي الواقعي، محركُ إبداعٍ وتجديد محمود، لا يفيد إنكارُه أو تجاهله أو مقاومته، بل يجب تعزيزه وتهذيبه وترشيده وتشذيبه، كي لا يكون طموحاً استئثارياً انتهازياً تآمرياً، ضد المصلحة العامة.
وثمة فرق واسع شاسع، بين الحزب الطليعي النخبوي والحزب الشعبي الجماهيري، في التكوين والوسائل والأهداف.
فالنخبةُ، قوةُ تأسيس وطاقةُ توجيه وخبرةُ تنظيمٍ مقررة مؤثّرة، وفي المقابل هي قوةٌ مستأثرة مقصية مستحوذة أنانية !!
وهي ليست تعددية، وليست ديمقراطية.
فهي تحول، بكل ما فيها من طاقة ومناورة ومكر ودهاء، دون الذهاب إلى صناديق الإنتخابات النزيهة، وفي حالة الإكراه، فإنها تزيّن التزييفَ والتزوير، وتختلق مخاوفََ وتضخم الحبّة فتجعلها قبة.
ونلاحظ ذهاب المؤسسين والمطورين، باتجاه النموذج الحزبي الجماهيري. وهو ذهابٌ محكومٌ بضغط اللهفة على خوض الانتخابات النيابية القادمة، وفيه ما فيه من دمجٍ وخلطٍ، بين السرعة والتسرع.
وثمة تجريبٌ -تُقرأ تخريب- واسعٌ في هذه المرحلة التأسيسية الهلامية، سيرتدُ إذا لم يتم ضبطه وترشيده، ليصبح صراعاً على السلطة، وفوضى الطرد والإقالات والانسحابات والانشقاقات المنفرة، التي تظلم الجهود وتشوّه النوايا.
وكي لا نقع في ذلك الصدع، يجب التروي في نسج أحزابنا على أسس موضوعية قابلة للاستقرار والاستمرار.
فبناء الأحزاب السياسية، مهمة شاقة طويلة الأمد، تعتمد على النوع لا على العدد، كما هو ملاحظ الآن، نوع البناة ونوع الأعضاء. ويحتاج البناء إلى تجربة عمرها 10 سنوات في دورق التفاعل بين أعضاء الحزب ليتحقق الاستقرار.
ودائما، فشل تحويل الكم إلى كيف، كما بشرت النظرية الماركسية، فذلك التحول يحتاج إلى وحدة فكر، لا إلى زمرة بناة.