وطناليوم – أثار احتفال الكنيسة الأرثوذوكسية الأوكرانية بعيد الميلاد في 25 ديسمبر تساؤلا حول ما إذا كانت الكنيسة التابعة تاريخيا للأرثوذكسية في روسيا تنسلخ عن بيئتها الشرقية وتتجه نحو الكنيسة الغربية.
وفي الوقت عينه، يتساءل كثيرون عن سبب وجود موعدين للاحتفال بعيد الميلاد يسوع عند المسيحيين حول العالم.
لذلك أشارت الأستاذة الجامعية والأمينة العامة السابقة لمجلس الكنائس في الشرق الأوسط، ثريا بشعلاني، في حديث لموقع “الحرة” إلى أن “تقويم عيد الميلاد يرتبط بمبدأ لاهوتي وكنسي، ويختلف بين الغربيين والشرقيين”.
العيد لدى الشرقيين
وتابعت أنه “لدى الشرقيين العيد الأهم خلال هذه الفترة من العام هو عيد الدنح (الغطاس، أو الظهور، وهو عيد معمودية يسوع)، عندما ظهر وبدأ بشارته، وذهب إلى الأردن وتعمد على يد يوحنا المعمدان”.
وقالت إنه “بالنسبة للشرقيين، ظهور المسيح إلى العلن وبدء رسالته كان له أهمية أكبر من عيد الميلاد، فلديهم أعياد النور مهمة جدا، وهناك 3 أعياد نور، وهي عيد الدنح، وعيد التجلي في 6 أغسطس، وعيد القيامة، لذلك ربطوا عيد الميلاد بعيد الدنح”.
وشددت على أن “الأمر الأهم من تجسد المسيح بالنسبة للشرقيين، كان ظهوره إلى العلن”، موضحة أنه “الإرث السرياني في السابق يربط بين الظلمة والنور، فالمسيح عبر بأتباعه من الظلمة إلى النور عندما أعلن رسالته”.
وأوضحت أنه “لذلك حافظ الأقباط والأرمن على 6 و7 يناير وربطوا عيد الدنح بالميلاد، ولا يزال عيد الغطاس مهم جدا لديهم”.
الميلاد لدى الكنيسة الغربية
لفتت بشعلاني إلى أن “الغربيين يحتفلون بعيد الميلاد في 24 و25 ديسمبر، لأن هذا التاريخ يصادف عيد الشمس لدى الوثنيين، وأراد المسيحيون من خلال هذه الخطوة جعل الأعياد الوثنية مسيحية”.
وقالت:”عندما تبع قسم من المسيحيين في الشرق روما بات عيد الميلاد لديهم مهم جدا، ويحتفلون به مع الكنيسة الغربية في 25 ديسمبر”.
أوكرانيا نحو الغرب؟
تستمر الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، التي تدعي السيادة على الأرثوذكسية في أوكرانيا، وبعض الكنائس الأرثوذكسية الشرقية الأخرى في استخدام التقويم اليولياني القديم، حيث ترى أن عيد الميلاد يأتي حاليا بعد 13 يوما مما هو عليه في التقويم الغريغوري الذي تستخدمه معظم الكنائس والجماعات العلمانية، حسب ما ورد في تقرير لأسوشيتد برس.
وفي أكتوبر الماضي، أصدر المجمع الكنسي للكنيسة الأرثوذكسية في أوكرانيا مرسوما ينص على أن مسؤولي الكنائس المحلية يمكنهم اختيار الموعد مع مجتمعاتهم، مشيرا إلى أن القرار جاء بعد سنوات من النقاش، لكنه نتج أيضا عن ظروف الحرب.
وعندما أجري تصويت الأسبوع الماضي في بوبريتسيا، أبدى 200 شخص من أصل 204 موافقتهم على اعتماد يوم 25 ديسمبر يوما جديدا للاحتفال بعيد الميلاد.
وكانت أوكرانيا تتبع دينيا القيادة الروحية الروسية منذ القرن السابع عشر على أقرب تقدير، لكن قسما من الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية انشق عن موسكو عام 2019 على خلفية ضم روسيا شبه جزيرة القرم ودعمها انفصاليين في الشرق الأوكراني، مما أدى إلى احتجاج الكنيسة الأرثوذكسية الروسية حينها بشدة.
وفي مايو من هذا العام، أي في الشهر الثالث للغزو، أعلن فرع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المدعوم من روسيا أيضا قطع العلاقات مع موسكو.
وكما هو الحال في جميع مناطق كييف، بدأ صباح الأحد في بوبريتسيا بصوت صفارات الإنذار جراء القصف الروسي الذي يطاول البنية التحتية، مما يؤدي إلى انقطاع الكهرباء لفترات طويلة، لكن هذا لم يمنع الناس من التجمع في الكنيسة لحضور قداس عيد الميلاد في 25 ديسمبر لأول مرة.