وطنا اليوم:هل تخلّت الحكومة السعوديّة عن دعم الصحف الورقيّة تماماً إلى حدّ الإفلاس والإغلاق؟
هذا سُؤالٌ مطروح ويتردّد في الأوساط السعوديّة الصحافيّة، والإعلاميّة، وفي ظل تكرار رؤساء صُحف سعوديّة كُبرى طلبها الدعم الحكومي، والذي يبدو أنه بات مُدركاً بأن زمان الصحافة الورقيّة قد ولّى لغير رجعة، والأولى هو التركيز على دعم القنوات الإخباريّة، وجلب التجارب الإعلاميّة الأجنبيّة إلى الرياض، إلى جانب الاستثمار بمزايا منصّات التواصل الاجتماعي، والإعلام الرقمي، والصحافة الإلكترونيّة.
يعود ذلك الجدل السعودي تحديدًا، بعد ما لجأت أحد أكبر الصحف الورقيّة في المملكة، وهي صحيفة “الجزيرة” إلى الإعلان عن تأجير مبناها الرئيسي الخاص، وذلك بهدف التغلّب على الصعوبات الماليّة.
الصعوبات الماليّة ليست وليدة اللحظة بالنسبة للصحافة الورقيّة في العربيّة السعوديّة، حيث عانت العديد من تلك الصحف أزمات ماليّة، وجرى التغلّب عليها بالسنوات الماضية بواسطة الدعم الحكومي، وإلزاميّة حصر الإعلانات بها، عن طريق إعلانات غرف الصناعة والتجارة، الإعلانات الحكوميّة، والتجاريّة، وإمارة المناطق، إلى جانب مبيعات الاشتراكات الحكوميّة، وشبه الحكوميّة، ولكن الجديد بأن تلك الصحف باتت تُعاني بفعل صعود الصحافة الإلكترونيّة والتي تُحقّق أرباحاً، كما وتولّد قناعة سعوديّة حكوميّة، بأن استمرار دعمها، لا يجلب إلا الخسائر، وسط عدم قدرتها على المُنافسة، والاستمرار، ومضيعة للثروات.
وانتقد عدد من النخب المُقرّبين من القيادة السعوديّة، عدم اتخاذ الصحف الورقيّة السعوديّة قرارًا بالاستثمار أو فشلها في استثمار الأموال الحكوميّة التي حصلت عليها، وفي أوج صُعود الصحافة الورقيّة، وهو ما يعني وصولها نهاية إلى الإفلاس ثم الإغلاق، وإن جرى تأخيره، وهو ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت الصحف الورقيّة السعوديّة ستنتهي جميعها بالإغلاق، وتركها حاليّاً لمُواجهة مصيرها، بدل الانشغال بمُراقبتها، أو حصرها بعدد محدود من الصحف لأهميّتها السياسيّة كما حصل بإبقاء صحيفة “الحياة” اللندنيّة بنسختها السعوديّة، رغم الخسائر الماليّة.
وتلفت صحيفة “الجزيرة” الأنظار لها بالأكثر، نظرًا لأن مقرها الذي جرى الإعلان عن تأجيره، افتتحه الملك سلمان بن عبد العزيز حين كان أميرًا للرياض العام 1996، وهي اليوم عرضة للإغلاق فيما يبدو، والتخلّي الحكومي عنها، كما أنه جرى انتقادها من حساب “موجز الأخبار” على “تويتر” المُقرّب من السلطات السعوديّة، بأنها لم تكن طِوال تاريخها تقدم خدمات صحفيّة بالمعنى الحقيقي، وكانت جريدة روتينيّة بحسبه إلى درجة الملل.
هذا الحال، حال الصحف الورقيّة، هو حال جميع الصحف الورقيّة في الدول العربيّة والعالم، حيث تعاني من الأزمات الماليّة، وشح الإعلانات، والمبيعات، وصعود الصحافة الإلكترونيّة الأسرع انتشارًا وتأثيرًا، لكن ما قد يُميّز تسلّط الأضواء على وضع الصحافة الورقيّة في السعوديّة، بأنها صحافة كانت مدعومة حُكوميّاً، وكانت تحرص الدولة على بقائها رغم خسائرها، لأغراض سياسيّة، ولكن يبدو أن دوام الحال من المُحال