صالح الشراب العبادي
كانت اشرطة الكاسيت القديمة ذات الثقبين الجميلين .. موجودة في كل بيت وكل سيارة .. حتى كانت تحمل في جيب القميص لجمال ما تحمل من معاني وشعر واغاني حب وعشق .. كانت توضع في المسجل ( الباناسونيك) و( السوني) وقبلها الناشيونال ، وكانت ترتب تلك الاشرطة في كرتونة حسب الاهمية .. مكتوب او يكتب عليها المادة التي بداخلها .. الجهاز على حافة شباك البرندا .. يصدح .. والشريط يلف .. وفي السيارات كان في مسجل السيارة احدها وبعضها في جيب السيارة او جانب السائق امام جير السيارة مفروش له قطعة موكيت احمر ..!!
تدور الايام .. وتمضي السنين .. والاشرطة تتهاوى وتتلف واحد تلو الاخر..
منه ما ينقطع شريطه الداخلي بعد ان تم اصلاحه عدة مرات بمادة المناكير .. ومنها ما يفلت شريطه بالداخل .. ويتم العبث بالبراغي الصغيرة ثم ما يلبث ان ينكسر ويصبح غير قابل للاصلاح ..
اما قمة ضيعان الوقت .. وقمة التردي .. والازعاج .. عندما يدور الشريط على الفاضي تسمع به اصوات غير مفهومة وغير منظمة .. ممسوح ما عليها .. او ممسوخ .. فالدوران والحركة هي تضييع للجهد .. وتخريب للسمع .. وتضبط للمعنويات …
ومنه من تضربه الشمس وهو على تابلو السيارة .. قيتقوقس.. وتاكله الشمس ..
ومنه ما تصله طرطشات المياه فيتحلل .. ومن الاشرطة ما يتم الزهق منه ومله من جراء الاستماع للمادة التي بداخله حتى باتت محفوظات تحفظ ككرج المي .. ولكن من كثر تكرارها … حتى ادركنا انها مجرد تكرار .. لا اكثر ولا اقل .. واكتشفنا ان التكرار لا يعلم .. لا الغزال ولا الحمار …!!
حتى ان الاجهزة التي كانت تشغل تلك الاشرطة باتت مهترئة ومتهالكة .، لم تعد تصلح تقدر على تشغيلها او تسميع المادة التي تحتويها …
آلاف .. آلاف.. الملفات التي سمعناها وقامت عليها الدنيا وما قعدت .. وعقدت لاجلها المحاظرات والندوات وشكلت لتنفيذها اللجان تلو اللجان ..
البطالة ، الطاقة ، الاصلاح الاقتصادي ، الاصلاح السياسي ، البنية التحتية ، النقل ، الزارعة ، الاستثمار ، والمياه وما يدور في فلكها ، الصحة ، التعليم والمناهج ، والتدريب .. محاربة الفساد ، الترهل الاداري ، الواسطة ، المحسوبية ، … واشرطة كاسيت كبيرة وصغيرة .. اقصد ملفات .. هل اصبحت او امست .. مثل اشرطة الكاسيت.. اسمع وطنش وارمي؟ ..
حيث ان الملفات تكدست وتحلل حبرها وتآكل ورقها وذابت المادة التي بداخلها .. …