معالي الدكتور حازم قشوع وزير الشؤون البلدية الأسبق
بصمود اسطوري من رجالات بيت المقدس وتدخل مباشر من الملك عبدالله الثاني و الرئيس جوبايدن نجحت الجهود الميدانيه والمساعي السياسيه بنزع فتيل الأزمة فى القدس الشريف وهو ما جعل من نيران الأحداث تبتعد عن مكان الاشعال وجعل مسألة السيطرة على الازمة امر ممكن وذلك قبل تدهور الأوضاع التى كادت ان تشعل فلسطين التاريخية والمنطقة نتيجة الاستفزازات التى عمد على القيام بها بناة المعبد من خلال ممارسة طقوسهم الدينية فى حرمات المسجد الأقصى ومحاولتهم تغيير نظام الضواط والموازين من خلال بيان سياسي استهدف الأردن ووصايته بشكل مباشر لكن الاتصالات المكثفة التى قادها الملك عبدالله الثاني من غرفة الاستشفاء وما تبعها من اتصال مباشر بين الرئيس بايدن والرئيس الاسرائيلي هارتسوغ قادت لابعاد انزلاق المشهد فى بيت المقدس الى منزلقات خطيرة.
صحيح ان ائتلاف حكومة اسرائيل بينت – لابيد قد حظي بدعم مباشر من قبل الرئيس جو بايدن وهو ما كان يتطلع اليه نفتالي بينت من وراء تاجيج هذه الازمه وناله بالنتيجه لبقاء ائتلاف حكومته الى ما بعد اقرار الموازنه للعام القادم لكن ما هو صحيح ايضا ان نفتالي بينت الذى افتعل الازمة عبر بناة المعبد خسر موقعه بشكل ضمني وابتعد بطريقة ما عن محور بيت القرار الاسرائيلي الذى يبدو أنه بات بيد الرئيس هارتسوغ وباسناد من يائير لابيد الذى بدا دوره يسطع ليشكل ذلك البديل.
ولقد حمل مشهد بيت المقدس انتصاراً قانونياً للمقدسيين قد تشير لهم عن ادخال قوات دولية للحماية بعد التصريح الهام الذى جاء على لسان الناطف الرسمي للأمم المتحدة ستيفن ديجوريك والذى دعى فيه لفتح تحقيق حول استخدام قوات الاحتلال العنف ضد المدنيين فى القدس وهذا ما يجعل مسألة بيت المقدس تدخل فى معترك قانوني من باب الأُمم المتحدة بعد انتقال الجيش الاسرائيلي الى مرحلة الهجوم بدور العبادة وهذا ما يسترعي من الحكومة الأردنية والفلسطينية لاستثمار ذلك من اجل حماية المدنيين من جهة ومن اجل ترسيخ مفهوم الوصاية الى مرجعية سيادة دولية فى اطار الوصاية.
مشهد بيت المقدس هذا حمل رسالة ضمنية اخرى للزيارهدة القادمة لبابا الفاتيكان والذى يعزم للقيام بها فى منتصف الشهر السادس من العام الحالى للقدس حيث يتوقع ان تحمل توافقات بين المذهبين الارثوذوكسي والكاثوليكي لصالح المشهد فى اوكرانيا لكن من المهم ان لا تكون على حساب نظام الضوابط والموازين فى ميزان الاحياء الاربعة فى القدس لأن ذلك سيحمل تبعات سياسيه على واقع المشهد العام فى القدس كما على الواقع العام فى المنطقة فان حساب ميزان احياء القدس من المهم ان تبقى دون تغيير على الأقل بالظرف الراهن حتى لا تسقط انعكاسات تداعيات أوكرانيا على الواقع فى القدس والمنطقة.
وفى الاستخلاص فانه يمكن القول ان المجس السياسي الذى تم استخدامه اكد على صلابة الموقف فى بيت المقدس وحجم الارادة التى يمتلكها رجالاته كما اكد على حجم الاحترام الدولي المكنون للوصاية الهاشمية المقدسية وعلى مقدار الثقل السياسي الذى يتمتع به جلاله الملك عند صناع القرار فى البيت الأبيض والاوساط السياسية الاقليمية وهو المجس الذى اكد أيضاً على عنوان اخر اساسه يقوم أن لا حل للمسائل العالقة الا بعودة الجميع لطاولة التفاوض فان الاستقرار فى المنطقة كما هو بحاجة لأمن هو أيضاً بحاجة لعمل سياسي يحمل له الديمومة وهذا لن يأتي بحفظ الموجود بقدر ما ينتج من خلال الوصول بالجميع لاستخلاصات مفيدة تقبلها شعوب المنطقة وتحفظها أجيالها فان السلم الاقليمي كما تتوق اليه مجتمعات المنطقة تأكد انه يشكل العصب الحامل للأمن الدولى هو ما برهنت عليه معركة أوكرانيا وتداعيات المشهد فى بيت المقدس.