تربية المستقبل..و…مستقبل التربية!

26 فبراير 2022
تربية المستقبل..و…مستقبل التربية!

بقلم الأستاذ الدكتور تركي بني خالد

الحديث في السياسة التربوية والتعليمية لم يعد ترفا أو مادة للتسلية. فالموضوع أصبح خيارا استراتيجيا في وقت نلاحظ فيه أن الكثير المؤسسات التربوية والتعليمية بكافة مراحلها باتت تترنح على غير هدى. 

والاستعداد للمستقبل هو من صلب اختصاص المؤسسة التربوية بلا شك. والمستقبل يكون واعدا حين تتصدى له مؤسسات التعليم بسياسات تربوية واعية وعملية ومرنة وعاقلة. وحيث أننا ما نزال في بدايات القرن الحادي والعشرون، فأنه ما زال أمامنا الكثير من الفرص لتعظيم الانجاز والبناء على ما تراكم من الايجابيات.

ونحن على أعتاب 2022، لدينا الكثير مما يجب عمله في الشأن التربوي. وأول ذلك الاستفادة من تجارب التعليم أثناء الأزمات ومن أهمها الوباء العالمي: فيروس كورونا.  وفي هذا السياق لا بد من التأكد والتنسيق بين القطاعات المختلفة من أن البنية التحتية متوفرة لتعليم نوعي وتربية واثقة.

ولعله من الحكمة أن توضع الوسائل والأدوات التكنولوجية وبخاصة في مجال الاتصالات موضع الأولويات. وبذلك يمكن توفير الكثير من الوقت والجهد اللذان يجب أن يوجهان في سبيل نوعية التعليم وتجويد المخرجات التربوية. وهذا بلا شك يتطلب سياسات مختلفة وغير تقليدية في مجال التدريس وتدريب المعلمين والمعلمات وهيئات الإشراف التربوي.

لا بد من إعادة النظر في سلم الأولويات بعد دراسة متأنية وبالاستعانة بذوي الاختصاص المتنورين وبالرجوع إلى نتائج احدث الدراسات في كل مجال وهي متوفرة لحسن الحظ بفضل تكنولوجيا المعلومات وأدوات التواصل الحديثة وشبكة المعلومات العالمية. ومن المهم في هذا المقام التنويه إلى ضرورة المشاركة المجتمعية وإدماج كل جهد مهما صغر شانه. 

نريد أن نرى تعليما عصريا غير معتمد على التلقين، واختبارات شمولية لا تبنى على الحفظ الأبله، بل على حل المشكلات، والتفكير العلمي الهادف إلى بناء مهارات العمل وحفز الطاقات نحو الريادة والتميز في عالم الأعمال. ونريد أجيالا من المعلمين والمعلمات وهيئات الإدارة والإشراف منطلقة غير محبطة تؤمن بالتغيير وتعرف ماذا يراد من المناهج التي يجب العمل على تطويرها بسرعة لتلائم تحديات المستقبل.

من اجل مستقبل امن لأولادنا وبناتنا، نتطلع إلى مؤسسات تعليمية رشيقة واثقة، تلبي حاجات المستقبل؛ تبني مهارات المستقبل ولا تكتفي باختبارات عفا عليها الزمن ثبت بطلانها وفشلها من خلال التجربة. 

باختصار، نريد ثورة تربوية بيضاء يانعة نتسلح بها لتحديات الزمن القادم. فالعالم لا يرحم. أما تفاصيل ذلك فليس هنا مجالها. فمكانها المؤتمرات الجادة والورش والندوات والكتابات والعصف الذهني في مختلف المنصات المتاحة، وللحديث بقية.