احمد زياد أبو غنيمة
مؤسف حد الفجيعة ما قراته للاستاذ حسين الرواشدة في مقاله ” سكة الاخوان والصالح العام ” ؛ من قلب للحقائق واغفال للتاريخ وهو يسرد بصورة غير موضوعية وغير منصفة علاقة الاخوان المسلمين في الاردن بالنظام السياسي !!
الاستاذ الرواشدة كاتب رصين وموضوعي في العادة؛ لكن مقاله هذا جعلني في حيرة من امري ان ينزلق هذا المنزلق الخطير الذي يهدد رصانة واتزان ما يكتب ويتابعه الكثيرون !!
ما الذي جرى ودفعه ليكتب بغير الحقيقة التي يعرفها هو قبل غيره ؟؟!!
لست بحاجة لتذكير الاستاذ الرواشدة بمواقف الإخوان المسلمين في الاردن والتي – على عكس ما يقول – تنازلوا فيها عن مصالحهم التنظيمية من اجل مصلحة البلد، بدءا من مشاركتهم في حرب ٤٨ انتصاراً لفلسطين والاردن، واحداث ٥٧ و٧٠ ونيسان ٨٩ وانتهاءا بالربيع العربي الذين كانوا فيه صوت العقل والحكمة التي غابت عن دوائر صنع القرار في الدولة!!
يحاول الاستاذ الرواشدة ان ينقل ازمة الحُكم في الدولة الاردنية مع الشعب قاطبة، الى ازمة لدى الاخوان المسلمين مع الدولة؛ فينسى او يتناسى ان من اوصل البلد الى مديونية تجاوزت ٤٠ مليار دولار هي سياسات الدولة وليس الاخوان، وان من اوصل البطالة الى ٥٠ % هي سياسات الدولة وليس الاخوان، وان من يوقع اتفاقيات إذعان مع الكيان الصهيوني وامريكا هي سياسات الدولة وليس الاخوان، وان من فقد ويفقد كل يوم جزءاً من روافعه الشعبية والسياسية هي الدولة وليس الاخوان، وان من يقود الخراب الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في البلد هو سياسات الدولة وليس الإخوان، وان من ” يرتعب ” من إجراء اي انتخابات نزيهة وشفافة سواء في البرلمان او النقابات او الجامعات هي مراكز القرار في الدولة وليس الاخوان؛ وان من يُدير البلد امنياً هي مراكز القرار في الدولة وليس الاخوان؛ وان من يريد تحويل البلد إلى مَلكية مُطلقة وحُكم شمولي هي مراكز القرار في الدولة وليس الاخوان، بينما ينسى كذلك ان من ينتصر للشعب في وجه تغول سياسات الدولة ويتحملون أذاها وحربها ضدهم هم الاخوان والمعارضة الوطنية الشريفة.
أتحداك استاذ الرواشدة واتحدى كل مراكز القرار في الدولة الاردنية واجهزتها، ان تُجرى انتخابات نزيهة وشفافة لنرى وزن وحجم الحركة الإسلاميّة التي تقول انها فقدت شعبيتها.
الحقيقة التي غفل او تغافل عنها الاستاذ الرواشدة؛ ان الدولة مرعوبة ومهزوزة وترتعب فرائضها إن سمعت اي صوت يخالف سياستها؛ لهذا تراها تحجب كل صوت يخالف سياستها عن وسائل الاعلام الرسمية وشبه الرسمية ناهيك عن إغلاق ابواب الديوان الملكي لاستضافة اي شخص لا يقول امام المسؤولين ما لا يرغبون بسماعه من حقيقة الوضع في الاردن ” اننا لسنا بخير ” !!
وبعد،
الاخوان تنظيم سياسي يجتهد فيصيب او يخطىء لانهم بشر؛ ولكن الدولة كيان سياسي يُصيب – نادراً – ويخطىء – كثيراً – بحق البلاد والعباد ولا احد يُحاسبهم لانهم يعتقدون انهم فوق المساءلة والحساب.
ليس الاخوان من هم بحاجة للمصالحة مع مراكز القرار؛ بل الدولة هي التي تحتاج لمصالحة الشعب الاردني العظيم بكافة مكوناته؛ الذي صبر على كل مصائب وبلاوي سياسات الدولة التي اوصلت البلاد والعباد الى نفق مظلم لا بصيص نور فيه.
سامحك الله استاذ حسين الرواشدة؛ ما كنت احب لك ان تضع نفسك في مكان من نقول عنهم ” كّتّاب التدخل السريع “، فقلمك ارفع واجّل من هؤلاء.