المشهد السياسي الأردني: ظاهرة الأحزاب الانتخابية

23 يناير 2022
 المشهد السياسي الأردني: ظاهرة الأحزاب الانتخابية

         

د. أبراهيم عيسى العبادي

رئيس المركز الوطني للقيادة والتنمية 

خبير الشؤون الاستراتيجية والأمنية 

يبدو أن الساحة السياسية الأردنية باتت تحمل حالة أكثر تأزما من القلق الوطني في مواجهة بناء أفضل للدولة في الوقت الذي يتطلع اليه الأردنيون الى مؤشرات فرص جديدة بحياة أفضل.

والسؤال الذي يلح به منطق الفكر والعقل علينا؛ هل سيكون للأحزاب السياسية الأردنية القائمة منها او تلك التي تأسست حديثا او القادمة مستقبلا برامج وأدوات جديدة تقدمها للمواطن الأردني لتحقيق بناء أفضل؟ أم أنها مجرد أحزاب انتخابية ؟

من وجهة نظرنا، وبعد التعديلات الدستورية الأخيرة وقانوني الانتخاب والأحزاب الجديدين وحصول الأحزاب على نسبة من المقاعد البرلمانية كقوائم وطنية ؛ يبدو أن في الأمر رسالة مشفرة الى الأحزاب السياسية التي يؤكد واقع حال معظمها أنها ستكون مجرد أحزاب انتخابية حضورها أشبه بغيابها ، لغياب الامتداد الشعبي وانعدام الثقة بها او بمؤسسيها. رسالة مشفرة، مفادها أنه في ظل استعصاء هذه الأحزاب على التكيف مع الضرورات الجديدة بسبب انغلاقها على الكفاءات والقيادات الشبابية وسيطرة الأسماء النخبوية ذات المصالح على زمام القيادة وتمسكها بترشيح الشخصيات الانتخابية التي تضمن المقاعد بدل ترشيح الكفاءات، وفي ظل سلاسل فشل التدبير الذي راكمته الأحزاب القائمة او تلك التي تأسست حديثا قبل طرح او بلورة نموذج حزبي جديد لها وفي ظل عدم الثقة الذي اصبح السمة البارزة بينها وبين المواطن وخاصة الشباب الأردني ،  لم يعد أحد قادر على المغامرة بالتعويل والرهان عليها وعلى نخبها التقليدية في إنتاج الحلول لإشكالية التنمية في المملكة 

الأردن الجديد يتطلب حاجتنا فيه الى بناء مشروع مجتمعي، نرى أن المدخل اليه يأتي عبر نموذج حزبي تنموي كبير، يفضي الى تحقيق تطلعات الشعب الأردني نحو بناء مجتمع جديد من خلال كيانات سياسية فاعلة على مستوى المملكة . لم تعد ترى في أحزاب ذات أهداف انتخابية فقط، مترهلة بعضها منهك لا أفق له، وبعضها ينتظر للحصول على الدعم المالي الحكومي، وبعضها تائه، والبعض الآخر لا شغل ولا هم له غير التربص و افتعال الأزمات وبعضها عقائدي ديني يفتقر لأي تجربة سياسية  فاعلة  طوال هذه السنوات سوى قدرات تنظيم الأعمال الخيرية او عقائدي قومي عروبي حريص على الامتداد الإقليمي مع قوى منهكة قد انهكت شعوبها ودمرت دولها بسياسات فاشلة ، ولا ترى فيها القدرة على التفاعل مع تطلعات الشعب الاردني  والدليل على تهالكها وربما بمجرد الاعلان عن تأسيسها ؛ و لا شيء يوحي للمواطن الأردني أنها منشغلة بتوجهات حقيقية لتجديد المؤسسات وطرح شبكات المشاريع التنموية ودعم ريادة الأعمال الشبابية وحل مشاكل المتعطلين عن العمل على مستوى المملكة ؛ وخلق فرص عمل ونشر برامج تطوير وبناء قدرات الشباب الأردني . هذه الأحزاب اليوم أصبحت جزء من الخلل اذا لم تعمل منذ الآن على اعادة بناء نموذج حزبي جديد، حيث تفكيرها محصور و مركز نظرها على عدد المقاعد الانتخابية في البرلمان و عندما تقترب الانتخابات تقوم بالبحث عن أصحاب المصالح المتقاطعة معها على حساب الأطر المثقفة والخبرات التي تحتاجها الدولة لدعم  السياسات العامة والبرامج بشكل تكون له آثار ايجابية على المواطنين الأردنيين بمواجهة تحدياتهم التنموية والاجتماعية والمعيشية فكيف يمكننا اليوم الثقة بهذا المشهد الوطني السياسي المفزع  ؟ علينا أن نفكر بنموذج حزبي جديد يحقق اعادة البناء بشكل أفضل . لقد تعب الأردنيون من السياسيين وحانت الضرورات من أجل التغيير لاعادة البناء لمستقبل أفضل