د. محمد تركي بني سلامه
نبارك أم نعزي في هذا المأتم الديمقراطي ميلاد حزبي سياسي جديد في البلاد؟ الدولة العميقة تدشن مرحلة جديدة من الاستبداد عنوانها الانتقال من هندسة الانتخابات وتزوير إرادة الشعب إلى هندسة الأحزاب السياسية واختطاف التجربة الديمقراطية، فلم يبقَ شئٌ في الحياة المدنية والسياسية من الأحزاب إلى البرلمان إلى الإعلام إلى آخر قائمة مؤسسات الدولة، إلاّ وتم إفساده وتعهيره، فالديمقراطية المزيفة أسوأ أنواع الاستبداد.
الحزب الذي يولد ويضم عشرات الوزراء السابقين والأعيان والنواب، لا ينقصه إلاّ أنْ يتم الإعلان عنه من الديوان أو السفارة أو الدائرة ويضم بعض أصحاب الدولة من رؤساء الوزارات السابقين وغيرهم من أركان السلطة المتوحشة، يكشف بوضوح عن آفاق ومظاهر وأبعاد المرحلة القادمة بعد التعديلات الدستورية، وأي نوع من تحديث وإصلاح للمنظومة السياسية الهشة، سيتم في قادم الأيام.
لكن أثبتت الأحداث أنّ تجارب أحزاب الأنابيب السابقة لم تعمِّر طويلاً ومصيرها الزّوال، الشعب الأردني المكبل بقيود الفقر والقهر والهوان لن يقبل بأحزاب ولدت ميتة، ولا تضم إلاّ الانتهازيين والمتكسبين من تجار الأوطان واصحاب الاجندات، ولا وظيفة لها سوى الكذب والخداع والتّظليل والنفاق والمتاجرة بدماء ودموع الشعب وبيعه أوهام الإصلاح وأكاذيب الديمقراطية، فالفجوة كبيرة بين جماهير الشعب المؤمن بالحرية والديمقراطية ومكافحة جادة لكل أنواع الفساد واستعادة الثروات المنهوبة، وتغيير الواقع المر الذي يعيشه إلى الأفضل، وبين من يسعى لركوب موجة الأحزاب للدفاع عن مكاسبه أو الحصول على المزيد.
أخيراً نقترح على الجهات التي هندسة إنشاء هذا الحزب ضرورة هندسة حزب آخر موازي وبذلك يكون لدينا حزبين كبيرين يتداولان السلطة في مرحلة الحكومة البرلمانية أسوة بالدول الديمقراطية التي يسود فيها نظام الحزبيين مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وبذلك نحسن من صورة الديكور للحياة السياسية في البلاد.