الدكتور مصطفى التل
مجلس النواب الأردني كغيره من المجالس التشريعية في العالم , يجري فيها تلاقي افكار وآراء , واختلاف اجتهادات حسب توجه العضو العقدي والسياسي , وقد يحدث اشتباك لفظي أو جسدي , وهو شيء طبيعي جدا بمختلف المجالس التشريعية في العالم بمختلف مسمياتها .
مجلس النواب الأردني هو المجلس التشريعي الأردني الذي انبثق عن الفقه الدستوري الأردني , الذي يعتمد الشريعة الاسلامية كعمق تشريعي عام لأية منظومة تندرج تحته , وان اختلفت درجات الاقتراب أو الابتعاد عن الفقه الإسلامي السياسي والمدني والاجتماعي والاقتصادي , ولكن بالعموم يبقى يدور في اطار هذا الفقه مقتربا احيانا منه ومبتعدا أحيانا عنه حسب اجتهادات معينة .
العقيدة الإسلامية والذات الالهية , هي نبراس فوق رؤوس اعضاء هذا المجلس , والآية القرآنية المعلقة فوق رؤوسهم , تمثل هذا , نعم ابتعدوا عن حدود الله تعالى ببديل اسمه ( القانون الجنائي الأردني ) , وابتعدوا ببعض تشريعات القانون المدني عن الفقه الاسلامية , كاستثناء المعاملات الربوية البنكية في القانون المدني الأردني من المادة التي تحرم الربا الفاحش في القانون المدني الأردني , إلا أنهم هم انفسهم الذين يشرّعون لمعاقبة شاتم الذات الالهية في القانون الأردني , وهم أنفسهم يراقبون السلطة التنفيذية في تنفيذ ما يشرعون , ويحاسبونها على تقصيرها .
قبل أيام نشبت مشاجرة عنيفة في المجلس على اثر مناقشة التعديلات الدستورية , والشعب الأردني اعتبر الأمر غاية في الاعتياد كون الآراء تتفق وتختلف , ولكن المفاجأة لدى الشعب كانت شتم الذات الالهية في تسجيل منشور على مواقع التواصل الاجتماعي , وبعض المواقع الاخبارية .
المجلس حوّل اطراف المشاجرة للجنة تحقيق , لجنة التحقيق نظرت في امر ( النائب الرياطي ) فقط وكيفية تعامله بالضرب مع زملائه , على الرغم من أنه هو الآخر كما هو واضح في التسجيلات تلقى الضربات وحاول مدافعا عن نفسه ان يردها , واجتمعت اللجنة على تجميد عضويته من المجلس .
شتم الذات الالهية , لم يكن لها أي اثر , أو انها لم تحرك ساكنا في وجدان اي نائب حاضر , ولم تكن كافية لتحريك مشاعر اللجنة للنظر فيها كونها حق عام وليس خاص , ولا تتوقف على الشكوى الشخصية , بل تتحرك بقوة الحق العام .
ولم يلتفت لها أحد من النواب الأكارم , وكأنها غير موجودة مطلقا , وكأن الأمر لا يعنيهم , لا من قريب ولا من بعيد , وكأن الله تعالى أهون عليهم من شربة ماء ..!!!
مع ان الفتوى الصادرة من دائرة الافتاء الأردنية : أن شاتم الذات الالهية أو الرسول صلى الله عليه وسلم , مرتد خارج من دينه , وعليه التوبة والدخول في الاسلام من جديد .
الشعب انتظر أي تحرك تجاه الحادثة ممن يدّعون انهم يستمدون شرعيتهم من عمق الفلسفة التشريعية الدستورية الأردنية , والتي هي الشريعة الاسلامية, ولكن لا تحرك
ويبقى السؤال : هل سيبقى الله تعالى أهون عليهم من شربة ماء , مع انهم يدّعون أنهم قائمون على مراقبة تطبيق شرع الله تعالى في عموم الدولة ..؟!!!