تعديلات وتعديلات ..!

7 يناير 2022
تعديلات وتعديلات ..!

المحامي بشير المومني

فرق هائل ما بين ترف النخب وتعديل الزوايا الحادة واذا كان ثمة من حقيقة يمكن قولها بلا تحفظ فتتلخص بالمعادلة التالية ( جميع من خاض معركة التعديلات الدستورية تأييدا او استنكارا لم يقرصهم الجوع او البرد .. ) وفي نهاية اليوم وبعد جدل طويل تبقى الحقيقة حقيقة وخلاصتها بأن هنالك رب أسرة في جبال عجلون او صحراء الجنوب قد لا يعود لاطفاله بربطه خبز وأنه عاجز عن الايفاء بالاحتياجات الاساسية لاسرته وان هنالك مئات الآلاف من العاطلين والمتعطلين عن العمل وأن الملف الاقتصادي هو الاخطر وهو الذي سيحدد ماهية الدولة خلال هذا العام وأن انتقائية الفقر هي تلك الزوايا الحادة غير المعنية بالركن النيابي في الدستور او بفزاعة سيداو اما تلك الزوايا فهي التي ستمزق كل مخرجات الترف النخبوي ..

تعرض الاردنيون للخديعة عندما اقنعهم احدهم من هتيفة المترفين بالحسيني او ساحات الدلع الديمقراطي بأن الانتقال السياسي شرط مسبق للانتقال الاقتصادي وأن التداول السلمي للسلطة هو مقدمة للتداول السلمي للثروة ( التنمية ) وليس العكس وأن كارثة التضليل السياسي التي تعرضوا لها لا تختلف ابدا عن تجارب الدول العربية القريبة او البعيدة التي باتت تحكمها الاحزاب والمعارضة فعليا فوصلت الى السلطة وبقيت معاناة الشعوب كما هي وبقيت تلك الزوايا الحادة بلا تعديل لتعود الى مربعات الاحتجاج وتمزق ما تعرضت اليه من زيف وجرعات تسكين لا تسمين الفقير فمارست نفس احزاب السلطة ما كان يمارس تجاهها من عنف وسلطوية واستبداد وقمع للطبقات الاجتماعية الاقل حظا بوصفها دائما وقود الثورات لكن هذه بالاستناد لشرعية صناديق الموت الديمقراطي لا صناديق موت شرعية الاستبداد كما كان يفعل بها !

الملك يدرك الحقائق اعلاه ولطالما تحدث عن الملف الاقتصادي حتى انه طلب من الحكومة توجيه طاقاتها نحو ايجاد برنامج عمل تحديث اقتصادي واداري بالتزامن مع الاستجابة لمطالب الطبقة السياسية المترفة من تحديث سياسي حتى انه قال ذات مرة بأنه لا يقلقه شيء سوى الملف الاقتصادي وهو محق في ذلك فالمملكة لم تهدأ منذ العام ٢٠٠١ وتعرضت لازمات عميقة كنتيجة طبيعية لما يدور حولها في محيطها الملتهب ونتيجة لازمات عالمية فاقمت من معدلات الفقر والبطالة لدينا وبمقابل ذلك سعت جهات المعارضة للوصول الى منظومة الحكم التي انتهت الى اقرار تعديلات جوهرية في الدستور لصالحها وسيصار الى اقرار تعديلات اخرى في قوانين الاحزاب والانتخاب ستفضي الى حكومات حزبية برلمانية لكن السؤال الاخطر ماذا بعد ذلك !!!؟؟؟

جميع المترفين من ( الطبقة ) السياسية النخبوية والحزبية المعارضة التي اشبعت الناس تنظيرا لن تستطيع اشباع بطونهم وستخفق في معالجة الملف الاهم والاخطر ( الاقتصادي ) وسيبقى ابن جبال عجلون ينظر من مكانه الى جبال عمان وسيبقى ابن الصحراء يبحث عن الماء الذي ينبع من ارضه باتجاه العاصمة وعبر تاريخ طويل من العملية التنظيرية سواء لنخب مجتمعات التمويل او بمعنى اوضح ( التحويل ) الاجنبي وتنظيمات وحزبيو ( ما وراء الحدود ) لم يقدم احدهم ولو شق تمرة من برنامج اقتصادي قادر على معالجة ما هو اخطر وبالنتيجة ستبقى الزوايا الحادة تحتد وتشتد لتمزق كل منظومة الترف السياسي لمجتمع صالونات عمان بغض النظر عن شكل الحكومة التي تقوده .. هنالك بوادر ( جرح وتعديل ) اقتصادي اجتماعي اتمنى ان يقود نفسه بنفسه لا ان تركبه مهيجات الترف السياسي واليوم نحن بحاجة الى من احترف تعديل و ( تدوير ) الزوايا .. اللهم احفظ الاردن من المترفين.