“قنبلة الشوبكي “.. دقتها وتوقيتها!!

28 سبتمبر 2021
“قنبلة الشوبكي “.. دقتها وتوقيتها!!

سهير جردات 

 

 حالي حال الكثير من الاردنيين، اصابتني حالة من ( التشويش ) عندما استمعت الى التسجيل الصوتي لمدير المدينة الطبية السابق اللواء الطبيب محمد كريّم الشوبكي ، وتحرك بداخلي ( الصحفي الاستقصائي )؛ لكشف ( الغموض ) الذي أحاط بتصريحاته المدوية عن مقدار الفساد والهيمنة للمتنفذين على القطاع الصحي تحديدا ، وللوقوف على أسباب كشفه لرواية ( خطيرة ) ، ومعرفة الدوافع من ذكرها رغم ( قدمها ) ، وهي رواية سببت لنا قلقا على صحتنا خوفا من وقوعنا فريسة بيد من حصلوا على شهادات ومواقع طبية حساسه ب(التزوير) ، وسُكت عنهم ل( ثقل ) واسطتهم ، وغياب الرقابة والسكوت عنهم طمعا في تحقيق المكتسبات من هؤلاء المتنفذين الذين حولوا الوطن الى اعطيات يمنحونها الى اقربائهم وانسبائهم واصدقائهم ، حتى ظهر لدينا أطباء ( مارسوا الفساد والواسطة لممارسة الطب بشهادات مزورة ) ، في مجتمع ( شاع ) فيه أنواع متعددة من الفساد ومنها( الفساد العائلي – فساد الأصهرة والانسباء )..

 

تعود الرواية لعام 2009 ، اذ كان اللواء الشوبكي يترأس اللجنة العلمية المتخصصة بأمراض القلب والشرايين في المجلس الطبي الأردني ، والتي رفضت  بجميع أعضائها منح كتاب للطبيب ( مدار البحث ) بالموافقة على دخوله امتحان شهادة البورد الأردني ، ليتفاجأ ( جميع أعضاء اللجنة ) بصدور كتاب ( مزور ) من المجلس الطبي ، يتضمن موافقتهم على ( تسجيل ) هذا الطبيب (دون علمهم ) في الامتحان ، والمثير للدهشة أن الكتاب  (المزور  ) نص على رقم وتاريخ جلسة للجنة ( لم تعقد ) .

 

وبعد متابعته للموضوع مع أمين عام المجلس الطبي الأردني آنذاك ، جاءت الصدمات ( متتالية ) ، إذ تبين أن من زوَّر الكتاب هو (ابن اخت ) الأمين العام ، هذا الأمين  الذي يصنف الأطباء في حين ان شهادته الطبية ( مشكوك فيها ) ، إلا أن الأبواب فتحت امامه كونه ( صهر ) رئيس وزراء  -أطال الله في عمره – ( كاسح ) بالفساد .

 

(وبعد تحري ) المعلومة من قبلي ، تأكد لي أن الموظف الذي زوّرالكتاب بالمجلس يحمل اسم عائلة الأمين العام ( آنذاك ) ذاتها .. كما تأكد لدي أن الأمين العام للمجلس الطبي الأردني – رحمة الله – على أثرها قدم استقالته لرئيس الوزراء آنذاك سمير الرفاعي احتجاجا كما وصفه في كتاب الاستقالة على ” تزايد الاشاعات بأنه (غير مؤهل) لاستلام هذا المنصب ، مطالبا بعودته لعملة في جامعة العلوم والتكنولوجيا حيث كان يعمل عميدا لكلية الدراسات العليا ، وجرى انتدابه للمجلس لمدة عامين !!!!  

 

في حينها ، اللواء الشوبكي قام بدوره وسلم الأوراق لجهتي الاختصاص بمكافحة الفساد ( آنذاك ) ، وهما رئيس جهاز مكافحة الفساد في مديرية المخابرات العامة ، وعضو في هيئة مكافحة الفساد التي كانت يرأسها في ذلك الوقت الدكتورعبد شخانبة (2007-2009) ، وكانت تضم في عضويتها اثنين يحملون ( رتبة ) لواء متقاعدين من دائرة المخابرات العامة ،  وقام (أحدهما ) كما أخبرني ، بأنه ( حسب ما يذكر ) قام بالإجراءات حسب الأصول المتبعة بالهيئة ، وخلال زيارة رسمية له الى دولة الصين سلّم سفيرنا هناك (الأوراق) الخاصة بالطبيب للمتابعة .

 

وفي الوقت الذي يؤكد فيه الدكتور الشوبكي أن هناك صلة قرابة بين الطبيب ( مدار البحث ) وبين نائب رئيس وزراء والسفير في تلك الدولة ، الا انني (وبعد التحري ) وجدت أن والدة الطبيب لا تشترك مع نائب رئيس الوزراء وشقيقة السفير – رحمها الله- ( لا باسم الاب ولا الجد ولا العائلة )  .

 

وللإجابة عن سؤال مهم ( لم يجب عنه اللواء الشوبكي في تسجيله او عند مقابلتي له ) ، وهو : هل ما زال الطبيب ( مدار البحث ) مزاولا لمنهة الطب ؟!.. واستكمالا لجميع البيانات تواصلت مع نائب رئيس لجنة ممارسة مهام وصلاحيات نقابة الأطباء الأردنيين الدكتور محمد رسول الطراونة ، كونها الجهة المسؤولة عن سجلات الأطباء المزاولين ، ليتبين أنه غير مسجل تسجيلا دائما في سجلات نقابة الأطباء ، وأنه مسجل مؤقتا بتاريخ 4 / 11/ 2006 ، ومرشحا للفحص الإجمالي (الامتياز ) بتاريخ 27 / 11 / 2006 ، وشهادته مصدقة حسب الأصول من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتاريخ  26/11/ 2006 ، وجرت معادلة شهاداته بالدرجة الجامعية الثالثة ( الدكتوراه ) في الطب الباطني / أمراض القلب لحصولة على بكالوريوس في الجراحة العامة ، والماجستير والدكتوراه في الطب الباطني / امراض القلب وجميعها من الصين الشعبية.

 

ولاستكمال المعلومة توجهت الى مدير مديرية ترخيص المهن والمؤسسات الصحية بوزارة الصحة الدكتور امين المعايطة ، الذي اكد لي أن الطبيب ( مدار البحث ) غير مسجل في سجل الأطباء المزاولين بوزارة الصحة ، ولم يتم العثور على اسمه ضمن كشوفات الوزارة  كطبيب مزاول ..

 

وفي (بيان رسمي ) صدر عن الأمين العام للمجلس الطبي ( أكد ) فيه أنه لغاية اليوم ما زال ملف الطبيب ( مدار البحث ) عالقا ، ولم (يسمح ) له بالدخول الى الامتحان الذي تقدم له في (عام 2009 ) ، وكرر طلبه في (عام 2011 ) كونه غير مستوف لشروط دخول امتحان شهادة المجلس الطبي في امراض القلب والشرايين ، إذ شُكلت ( لجنة تحقيق ) نسبت بإلغاء الكتاب الذي أشار اليه اللواء الشوبكي لانها ترى انه صدر عن الأمين العام بطريقة  (غير أصولية).. في الوقت الذي لم يشر فيه البيان الى مصير رسالة ( التوصية ) التي كتبها (سفيرنا ) في الصين بحق هذا الطبيب .

 

وعن (دوافع ) اللواء الشوبكي الى كشف قصص (مسكوت ) عليها قضائيا و إعلاميا رغم حدوثها قبل ( 12 عاما ) ، يبين أنه وصل الى حد ( الانفجار ) وهو يشاهد ما يُمارس على القطاع الطبي الذي أصبح يعاني حالة (انفلات ) ، وتحميل الأطباء ( وزر ) تراجع الخدمات في الوقت الذي تمارس فيه الحكومات ( سياسة ) تجفيف المنابع المالية ووقف التعيينات في القطاع الصحي ( سعيا ) لاقناع الراي العام بخصخصتة ، الأمر الذي سيكون أثره سيئا ليس على المواطن متلقي الخدمة فقط، وإنما على ( النظام ) في حال انهيار المؤسسة الطبية بأكملها .

 

وحتى يبقى الطرح منطيقا ومقبولا ، لا بد من التعرف الى الحلول التي يطرحها اللواء الشوبكي لإنقاذ القطاع ، والمتمثلة بحسب رايه بثلاثة جوانب في حال توفرت نكون قد ( ضيقنا ) الخناق على الفساد ، والقضاء على التعين بالمحسوبية ، وبالتالي سنصل الى تجويد الخدمة الطبية من خلال أطباء مؤهلين، تبدأ ب: ( انتقاء ) الشخص الجيد بعيدا عن ( الواسطة )، وتوفير ( التدريب ) المناسب لجميع الكوادر من خلال القضاء على البطالة ، الامر الذي يتيح للاختصاص منح مزيد من الوقت لتأهيل الكوادر المتدربة ، وصولا الى وضع ( تقييم ) هرمي دائم لجميع الكوادر بغض النظر عن خبراتها.

 

في هذه الحادثة ، يبقى الفساد (محصورا ) داخل المجلس الطبي ، الذي يضم الأمين العام وابن اخته ، وموظفة مع ( بنت حماها ) ، ما يعني ان المجلس يدار عن طريق الأقارب والأنسباء !!..

ويبقى السؤال : لمن تتقدم بشكواك في حال كان القاضي هو الخصم والحكم؟!..

 

في الختام ، ان الهدف من هذه المتابعة ليس الوقوف بصف اللواء الطبيب ( صاحب القنبلة ) ، وليس ( نصرة) للأطباء  الشرفاء، وإنما الوقوف الى جانب متلقي الخدمة كونهم الحلقة الأضعف ( سعيا ) لوضع جميع الأطراف (حدا ) لتغول ( الفساد) وكف يد ( العابثين ) بالقطاع ، ووقف ( مخططات ) خصخصة قطاعنا الطبي ..