أنينُ السَّياط…

31 أغسطس 2021
أنينُ السَّياط…

بقلم : الكاتبة فايزة عبدالكريم الفالح

نفسٌ لغوبٌ

بين نجدين تتَوَهُمِ

وشكٌ لعوبٌ

بين حق ويقين مُتلعثمِ

وعينٌ تطرح النواهلَ

من بين قَذَى ودمِ

والروح مَنزِلٌ و مَنهَلٌ

بها الموحِشاتِ ترتمي

وصُروفُ الدَّهرِ قَاصِفاتٍ

ترمي عليَّ بأسهُمِ

وسياط كما أفعى تتلوى

تغرسُ نابها بالمقتلِ

وضيقٌ يطبقُ على الأنفاسِ

وصبرٌ يَئِنُ مِن ألمِ

وأهآتٍ مِن الآلام تَنهَلِ

و نفسٌ أمارةٌ بجلدِ الذاتِ

و نفسٌ لوامةٌ تتألمِ

أنينُ السياطِ يحترقُ

سُلَّ مِن قِطَعِ ليلٍ

نضج على زُرقَتِهِ لَحِمي

أراهُ وميضَ برقٍ

كفَّفَ بصري

كما ليلٍ مُعتِمِ

أسمعهُ قَعقَعَةَ رعدٍ

أنطق العظمُ مِن صَمَمِ

أنينُ السياطِ يلوكني وجعًا

قَشِعَ الجلدُ عن اللحمِ

زمزمةُ لهيبٍ

وحسيسُ جمرٍ

جذوتهُ فتيلٌ يتواقدُ

في لُجِّة دَمي

ألتَجَّ السياطُ

والروحُ غمامةٌ

تمطرُ صبرًا

وصبري عنيدٌ لا يَسأمِ

أسْتَلَجَجْتْ كَفَّ الجلادِ

وخمسٌ كأنها اللُّجُّ

رَبَطت على عروق المِعصَمِ

صَبَّرَتُ النفسَ

ودمع العينِ لَجُوجا

بدا كغمامٍ يتساقطُ

على مُحاق المبسمِ

ضَحْضَاحُ السرابِ يتلألأُ

إذ مُلِئتُ الكَفُّ منه

إذ أستعصى على الفمِ

يا ليلي الطويل

على كلِ الليالِ

حُزنِي كلونك سرمديٌّ

وظلي المُتشبثُ على الجدرانِ

يَتَّشِّحُ ليلاً بِدمسٍ مُتَجَهِمِ

يَسخرُ من لوحة صماء

مرسومٌ عليها دلو يتقاطر ماء

عمرها مائة عام أو يزيد

لا بئرَ قائمٌ

ولا ساقٍ وَرَدَ بئرٍ

ولا دالٍ أَدلىَ بدلوهِ

ولا نَهَزَ بِدَلوٍ لِيَسقي أرضاً

ولا أزهرت ورودٌ من قطراته

و الصورةُ يا سادة

أبلغُ مِن الكَلِمِ

عشتُ الليالي سهرًا

سافرتُ الوجوهَ المُدلَهِمَّة غربة

مكثتُ اليأس دهرُا

برحتّ الحُلُم المُشتَهَى

يومًا أو بعضَ يومٍ

وحُلُمٌ بين الأصرمان مُنصَرِمِ

عزفتُ ألحان السنونو وتراً

على حدِ قوسٍ صارمِ

كتبتُ الكلمات العابرة شعرًا

مِن جمر غضىً تُضرَمِ

ارتشفتُ الحزن مُرًّا

مِن فؤادٍ مُخَرَّمِ

نثرتٌ العمر عطراً

مِن كل مَنْشِمِ

جمعتُ حروف الضاد عقدًا

علقتُ على النجم البعيد حُلُمي

وإذ لا شيء معي !!

سوى عَجَاجِ العمرِ أُلَملِمِ

الآن يتدفقُ الصبرُ أنيناً

يضرب السياطُ عليه

وجلد الذات لا يرحمِ

يا نفسي اللوامة

ألا ترفقين بصاحبك

ألا يكفيك جزعا

فلا تلوميني ولا تتلومي

مالي أراكِ أزدهيتِ الشقاءِ

وطَربتِ على نقرِ الجراحِ

حتى أنَّ صَمت السياطِ

والصَّمُوتِ المُصمَتِ

أشدَّ إيلاما لو تعلمي

نَسَيتُ ماذا أنسى

أدمنتُ العزلةَ

تصومعتُ بمحرابي المنسي

عَلَني أستذري وجهَ قمر

وأتيهُ بالمألوف ولا مألوف

لأعبُرَ الزمنَ من بين قوسين

وأقلِبَ المعقولَ ولا معقول

وأخرِجٌ المكان من بين ضلعين

علني أصنع من السياط قوساً

أرمي به وجهَ الزمانِ

عَلَني يا قمرًا بروحي أسلَمِ

ولربما أصنع منه ريحانا

أشذبه برمش العين

والكحل فيه مبيتًا ومناما

أسكبه دواءً على الجراح فتلتئمِ

هذا الزمنُ زمني

ولتأخذوا مني الزَمانا

يا قمراً يساهرني

حين ضِنّ عليّ جمع

أهلاً وخلّانا

أمواجاً ظنونهم

بضلوعي تَرتَطِمِ

يا قمرًا ..

أشِحْ بوجهك عن قَتَامهم

و نم قرير العين

وانثر نورك غِلالا

وطَرِّز بهاءك خيوطا

للفساطيط أنجُمِ

يا قمرًا يساهرني

كم يليق بك

الكحلُ

والنثرُ

و الشعرُ

والحروفُ تنسُجُها

لروحي قلادة وقربانا

دعني وحيدًا

أهيم عشقا

بنورك مُتَيَّمِ ….