رسالة الى دولة رئيس الوزراء : لا نريد وزراء نريد رجال دولة

20 يوليو 2025
رسالة الى دولة رئيس الوزراء : لا نريد وزراء نريد رجال دولة

بقلم د. هاني محمود العدوان

دولة رئيس الوزراء الموقر، السيد جعفر حسان حفظكم الله

تحية أردنية خالصة من نبض الأرض ووجع الناس، من وجوه البسطاء المتعبة، من صدور الآباء المكروبة، من أمهات باتت الدموع لغتهن اليومية، أرفع إليكم هذه الرسالة لا كاتبا ولا سياسيا، بل أردنيا لا يملك إلا حب هذا الوطن وغيرة عليه

أبدأ بالإنصاف، فأنتم رجل دمث الخُلق، صاحب سيرة ناصعة، ومجتهد في عمله، وندعو الله أن يوفقكم لما فيه خير البلاد والعباد، ولكن، ها أنتم تتهيأون لتعديل وزاري جديد، ونكاد نسمع همس القوائم يتسرب من خلف الأبواب المغلقة

دولة الرئيس
باسم الأردن الذي نحمله في حناجرنا كالأذان، وباسم دماء الشهداء التي روت ترابه، وأرواح البناة الأوائل الذين شادوا مداميكه بالحجارة والعرق، نرجوكم أن تمسكوا ملف كل وزير مر على هذا الوطن، أن تفتشوا في سجله، أن تسألوا
ما الذي قدمه، ما الأثر الذي تركه، هل بصم في دفتر الوطن أم اكتفى بالتوقيع على أوامر صرف ومغادرة

ثم نسألكم بالله، وبالسبع المثاني، وبكل سورة في القرآن الكريم، وبكل نبي ورسول، أن تجربوا معنا للمرة الأولى خارطة جديدة، نهجا مغايرا، جربوا خيارات الشعب وجربوا الخروج عن المألوف، فليس بعد الخراب إلا الشجاعة في التغيير

نريد وزراء من صلب الحراثين، من جلد الحصادين، ممن لم يطأوا يوما كافيهات الصويفية ولا يعرفون مقاعد عبدون الفارهة، بل يعرفون وجوه قيعان خنا، وملح الصفاوي، وظمأ وادي العش، ويعرفون كيف يعيش من ينام في بيت شعر يشكو الرمل والريح والحرمان

نريد من يعرف أن في الأردن من ينهي دراسته الجامعية ثم يعود ليجلس في حضن والده العاطل، في بيت بالإيجار، ينتظر معونة لا تكفي لثمن الخبز

دولة الرئيس
نريد وزراء يحفظون خارطة الوجع الأردني كما يحفظون نشرة الأخبار، نريد مسؤولا إذا قرأ عن حادث موت شاب على سكوتر وهو يبحث عن لقمة، بكى بحرقة

كفى تجريبا بالمجربين، كفى تدويرا للمناصب كأنها مائدة عشاء لا يُقصى عنها أحد
اعطونا مسؤولا واحدا فقط، واحدا لم يكن محسوبا على أحد، بل محسوبا على الوطن، يعشق ترابه، ويحلم بمستقبل للناس قبل المنصب

نريد وزراء لا تحركهم الولاءات الضيقة، بل تحركهم قضايا الشباب التائه، والعاطلين المحبطين، والآباء الذين أكلتهم الديون، والمرضى الذين فقدوا حتى حق السؤال

نريد مسؤولا يرى في الشاب المتعثر فرصة، لا ملفا أمنيا جديدا، نريده يبني حلولا، لا جدرانا جديدة لسجون مكتظة

نريده يعرف ما معنى أن تكون أبا لأربعة خريجين بلا عمل، وخمسة طلاب بلا أقساط، وبيتا بلا دفء، ومستقبلا بلا ملامح

دولة الرئيس
البلد يئن، والناس جاعت، والجوع كافر، لا تحتمل هذه المرحلة ترف المجاملات، ولا خطيئة إعادة تدوير الفشل
افتحوا الأبواب، قلبوا الأسماء، اسألوا الناس، دققوا في سير من لا يعرفهم الإعلام، ولكن يعرفهم الوطن
اجعلوها حكومة من الأردن وإلى الأردن وليكن هذا التعديل صفحة تكتب بماء الخلاص

مع خالص المحبة
ومع دعائنا أن تكون من يكسر الحلقة، ويبدأ من الشعب ، لا من فوقه

وأنتم يا دولة الرئيس، نعلم صدق نيتكم، ونكبر فيكم سعة صدركم، ونتمنى من الله أن يسدد خطاكم، ويعينكم على حمل الأمانة بمسؤولية وإخلاص