لماذا خبا نجم النقابات الأردنية في مناصرة القضايا المحلية والقضية الفلسطينية؟

24 أكتوبر 2021
لماذا خبا نجم النقابات الأردنية في مناصرة القضايا المحلية والقضية الفلسطينية؟

وطنا اليوم  –  لعبت النقابات المهنية الأردنية دورا بارزا  على الصعيد المحلي الأردني، وفي مناصرة القضية الفلسطينية في عقود خلت، وهي التي أبقت على مركزها عاملا في القدس حتى هذه اللحظة، رغم قرار فك الارتباط بين الضفتين عام 1988.

ومنذ نشأتها في خمسينيات القرن الماضي، نشطت النقابات على الساحة الأردنية في قضايا المجتمع المدني، وكانت قمة أوجها في فترتي الثمانينيات والتسعينيات، ثم بدأت بالتراجع حتى وصل الحال إلى حديث النقابيين والشارع عن مجرد ذكريات جميلة.

من همّ أمّة إلى استدرار الاستعطاف

النقيب الأسبق لنقابة المهندسين، وائل السقا، عبر عن أسفه البالغ لما وصل إليه الحال، وقال: “كان مجمع النقابات المهنية يحمل هم قضايا الأمة من العراق إلى السودان ويحشد الآلاف، وأول من ينتفض لفلسطين وغزة، إلى أن أصبح بشكل يدر الاستعطاف”.

وعزا ذلك التراجع، إلى التدخل من قبل الأجهزة الأمنية، وأشار إلى أنه عندما كان ليث شبيلات نقيبا للمهندسين وعزام الهنيدي نائبا له، واعتقل أعضاء بالمجلس بشكل مخالف للقانون، اجتمعت جميع الهيئة العامة وردت على الحكومة، وقالت: “كلنا أعضاء في لجنة مقاومة التطبيع إذا أردتم اعتقالنا”.

ذروة العمل النقابي للقضية

وعلى صعيد مناصرة القضية الفلسطينية، استذكر السقا فترة الستينيات من القرن الماضي؛ حيث دعت النقابات المهنية إلى تسليح الشعب الأردني للمقاومة في فلسطين، مؤكدا أن الفترة الحالية “تعتبر أسوأ فترة تمر على النقابات المهنية الأردنية”، واصفا إياها بـ “ذروة الانحدار”. 

وقلَّل السقا من أثر الخلافات السياسية على العمل النقابي المشترك، وقال “إنه في ذروة العمل النقابي كان هناك خلافات حول القضايا السياسية”، وكان العمل يسير باتجاهه الطبيعي، وفلسطين والقدس مجمع عليهما، سواء من القوميين أو الإسلاميين أو اليساريين.

وختم السقا حديثه “نرى هناك مخرجات للجنة الملكية، كخطوة بالاتجاه الصحيح، ولكن إذا استمر العبث فلا فائدة منها، وأكد أن “الأيام حبلى بالإيجابيات وستعود النقابات إلى ما كانت عليه، داعيا الشعب إلى رفع صوته”. 

تدخلات من خارج النقابات

من جانبه، قال الناشط النقابي والسياسي ميسرة ملص “كانت النقابات بفترتي السبعينيات والثمانينيات وحتى العام 1989، أي ما قبل المرحلة الديمقراطية بالأردن، رافعة وداعما رئيسيا للمقاومة في فلسطين، من خلال لجان الدعم المالي للانتفاضة، والعديد من الفعاليات والمهرجانات والمسيرات الكبرى التي تعقد لهذا الشأن، وبعد ذلك تحولت  لدعم مالي لأهالي الشهداء والأسرى”.

وبتقدير ملص، خبا نجم النقابات بشكل شبه نهائي في العشر سنوات الأخيرة، إلى الانقسام الذي حصل في 2011 على إثر “الأحداث في سوريا”، وإلى تدخلات من خارج النقابات.

ضعف ذاتي

وعزا عدم وجود شخصيات ذات ثقل وتأثير في النقابات، إلى أسباب خارجية، وإلى نفس الكتل بعدم قدرتها تهيئة قيادات عمل مهني كالقيادات السابقة المؤثرة التي كانت تحمل مشاريع قوية، مبديا أسفه لتقديم بعض التيارات القوية قيادات ضعيفة؛ مما ساهم في التراجع.

وقسّم ملص نشاط النقابات باتجاه فلسطين إلى مرحلتين، ما قبل العام 1989، حيث كانت ملاذا للقضية الفلسطينية والحريات وحتى دعم لفصائل المقاومة علنا بالمال والمواقف والمهرجانات، وكان هناك أسابيع لدعم الانتفاضة وقضايا الأسرى تحديدا، التي كانت متبناة من النقابات. 

وأوضح: “بعد العام 1989، تركز الدعم على الموقف المعنوي، والدعم المالي لقضايا الأسرى”، واصفا العقد الأخير بـ”أحد العقود العجاف” التي تمر على العمل النقابي الأردني الذي كان يحسب له حساب، معربا عن أمله في عودة النقابات إلى سابق عهدها.

وتعود نشأة النقابات المهنية في الأردن إلى عقد الخمسينيات من القرن العشرين، بعد السماح لأصحاب المهن بتشكيل نقابات خاصة بهم، ونشطت النقابات المهنية في الاردن بشكل بارز في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.

وتشارك النقابات في قضايا المجتمع الأردني، وذلك من خلال عقد مؤتمرات والندوات والمحاضرات والمهرجانات والمعارض وإصدار المجلات النقابية، والنشاطات القومية والوطنية.

ويوجد في الأردن ثلاثة عشر نقابة رئيسية، تسعى كل واحدة منها إلى تحقيق أهداف خاصة بها، فيما تهدف النقابات بشكل عام إلى تنظيم المهن وتطويرها وتقديم الخدمات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأعضاء الذين وصل عددهم نحو 500 ألف منتسب.

وتساهم النقابات المهنية بشكل فاعل في القضايا العامة ولها موقف سياسي ثابت من كافة المصالح الوطنية والعربية والإسلامية، مما يعطيها دعما شعبيا واسعا، وينبثق عن النقابات، لجان مقاومة التطبيع، لجنة فلسطين، اللجنة الثقافية، اللجنة الاجتماعية، ولجنة الحريات.

وتضم اللجان ممثلين من معظم النقابات، وتستقبل اللجنة الشكاوى من أعضائها ومن العامة من الناس وترفعها إلى السلطات الحكومية المختصة، كما تقدم الدعم القانوني والتغطية الإعلامية لهذه الحالات، وتنسق مع المنظمات والهيئات التي تهتم بهذه القضايا