بِقلم : سهل الزواهرة
للفرح طُقوس و مذاهب ، و لكل شعب أو ما دونه خصوصيات للفرح يتمايز بها عن غيره و كلها بلا استثناء تتطلب بالضرورة مُحتفىً به مَهما اختلفت باقي التفاصيل، و هذا هو الثابت الأوحد و الذي لا يغيب أينما وجهت وجهك براً بحرًا سماءً …
بيد أن فرحنا المَوعود حطَّم القواعد و احتال على النواميس و ارتدى ملامحًا ثمينة و تهيأ المكان على أرفع الطُرز و نُصبت الصوايين المُخملية و تم دعوة كل معازيم الأنحاء صغيرها و كبيرها برها و فاجرها و عُلِّقت حبالُ الزينة و نُحرت الخِراف تمهيدًا لوضعها في اللبن المغلي قبل أن تعتلي الموائد الوردية ، صورة مثالية لا يخدشها إلا فرار المُحتفى به !!!!!! فأي فرح هذا ؟؟ أي فرح ذلك الذي يُبشِّر به دوَّاجو المنابر و المنصات و يطوفون لأجله بين البيوت ليبيعوا بضائعهم الكاسدة على صبايا الحي و عجائزه مُحملين بالأيمان الغليظة ، يُقسمون و يلوِّحون بأيديهم الطويلة و أشداقهم المُتَرهلة تَرويجًا لِفرحٍ فَرَّ فرحُه و وقع اسيرًا كسيرًا في حيرة التَّحكم و التوجيه …
تتطاير الأحزاب مَيمنةً و مَيسرةً كأوراق خريفٍ حائرٍ بين أحزابٍ مدفوعة مُسبقا و أخرى بفاتورة ، فالأُولى كلما أرادت عُمرًا إضافيا تذهب لتشحن رصيد بقاءها العبثي لأهداف صغيرة ببطاقةٍ مُسعَّرةٍ منتشرةٍ معروفٌ بائعها معروفٌ زَبونها معروفٌ صلاحيتها ، أمَّا أحزاب الفاتورة فتلك في درْكٍ أعلى تُسمَّن و تُدلل و يُعوَّل عليها أن تُعلَّق على صدر الخورنق المشروخ ، مسددةً فواتير الطاعة عند ذات المُزوِّد مَركزيًا و الفرق بينها و بين أحزاب البطاقة فقط أن لها سعة صبر عليها و أمل فيها و تعويل على ضبط اعداداتها لحمل المرحلة المرسومة و إلا …
قمة المأساة عندما تتساقط حروف الكلمات فتسقط سين السياسة البِكر و تستبدل بتاءٍ مربعةٍ و يصبح الواقع السياسي كالحمَّامات العُمومية لا يدخُلها إلا المضطر أو من يُشرف على صيانتها الدورية ، فيترفع أهل المبدأ عن كل تلك الزواريب و الشُبهات مهما كانت الكُلف ، فخسارةُ عِجل ميت لا تُعتبر خسارة إلاَّ عند من يتعشق ذكريات الخُوار المُصطنع و يطرب لتقاسيمه المُكررة السمجة و يرضى بالسامري عَرابًا و مُخلِّصًا و لو على جسد عجلٍ ميت …
لكل صاحب فكرة حُريته التي يريد و طريقه التي يختار ، من شاء فليسِر مُحتالًا على نفسه و واقعه و مختالًا بالطوق الذي ارتضاه لعنقه مُدمنة الانحناء والسَوق ، و من شاء فليقف صادقًا مع ذاته في حياة قصيرة مهما طالت وذات بهرج زائل مهما امتد ، و فيها دروس يتعلمها أهل الكرامة بأن الذكاء هو هز الأدمغة و ليس هز الرؤوس تسليمًا ، و أن المكتوب ليس دومًا من عنوانه البراق يُقرأ فكثير من الأحايين يتخفى الأعظم مُتربصًا لحظةً مناسبةً ليُعلن فيها لكل الحيارى و المخدوعين أن الغلام المُنتَظر ليس إلا حملًا كاذبًا لِسرديةٍ مُختَلقة صاغها أهل الحُظوة في غفلة من أهل الحِمى …