وطنا اليوم:يتجه لبنان بخطى ثابتة نحو تكرار سيناريو الانهيار الاقتصادي الفنزويلي، فيما يتعلق بقيمة العملة المحلية ومستويات التضخم غير المسبوقة.
فقد بدأت متاجر السلع والمواد الغذائية في لبنان، الأربعاء 1 مارس/آذار 2023، بتسعير بضائعها بالدولار، تنفيذاً لقرار أصدرته وزارة الاقتصاد، وذلك في خضم انهيار اقتصادي متسارع في البلاد، فقدت معه العملة الوطنية قيمتها تباعاً، وفي خطوة تهدف إلى الحد من التلاعب بالأسواق واختلاف تسعير البضائع مقابل الدولار.
يأتي ذلك، بعد يوم واحد من إعلان وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني أمين سلام، في مؤتمر صحفي، اعتماد التسعير بالدولار في المحال التجارية، وقال سلام في مؤتمر صحفي إن “العملة اللبنانية استهلكت واستغلت من الدولار، بسبب السياسات المالية القديمة، إذ وصل الدولار الواحد إلى 90 ألف ليرة لبنانية”.
كان سلام قد أوضح في منتصف فبراير/شباط 2023، أن محلات السوبر ماكت ستبدأ تسعير بضائعها بالدولار، على أن يختار الزبون الدفع بالدولار، أو وفق سعر صرف السوق السوداء، وقال إنه يجدر بكل متجر أن يعلن يومياً عن السعر المعتمد لديه.
اعتماد التسعير بالدولار يأتي فيما يشهد لبنان منذ صيف 2019، انهياراً اقتصادياً متسارعاً، صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم، وخسرت معه الليرة أكثر من 95% من قيمتها مقابل الدولار في السوق السوداء.
سوزان زيتون (28 عاماً)، قالت في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، خلال تسوُّقها في فرع من سلسلة متاجر كبرى في بيروت: “بتُّ مضطرة إلى أن أحسب كم يعادل سعر كل ما أودّ شراءه بالليرة، إنه أمر مربك لمواطن لا يحمل الدولار”.
سيدة أخرى قالت بعدما دفعت سعر مشترياتها بالليرة: “الأسعار نار، أدعو الله أن يساعد الفقير ومن هو غير قادر على التموين”.
من جهتها أعربت لينا عباس، إحدى المتسوقات، عن اعتراضها على القرار، مشيرة في تصريح لوكالة الأناضول، إلى أنه في كل دول العالم التسعير يكون بالعملة المحلية، “إلا في لبنان.. نحن نتقاضى رواتبنا بالعملة اللبنانية والأسعار بالدولار”.
بدوره، قال محمد حسن وهو أحد الزبائن الذي تواجد داخل أحد المحال التجارية، إن “التسعير بالدولار له سلبيات، فليس كل المواطنين يتقاضون رواتبهم بالدولار”، مستدركاً: “لكن من الإيجابيات أن المواطن يعرف السعر الحقيقي للسلعة، لأن التسعير السابق بالليرة كان يشهد فروقات في الأسعار لمنتج واحد بين متجر وآخر”.
الدولار بـ90 ألف ليرة!
وعدلت سلسلة متاجر كبرى في بيروت وضواحيها منذ صباح الأربعاء 1 مارس/آذار 2023، أسعار بضائعها لتصبح جميعها بالدولار، باستثناء الخضار والفاكهة غير المستوردة، وحدّدت على شاشة عند المدخل سعر صرف الدولار بـ89 ألفاً مقابل الدولار لمن يرغب في دفع مشترياته بالليرة.
منذ بداية العام الحالي، تُسجل الليرة تدهوراً متسارعاً، إذ لامست الأسبوع الحالي عتبة 90 ألفاً للدولار مقارنة مع 60 ألفاً في نهاية يناير/كانون الثاني 2023، ويتغير يومياً سعر الصرف لمرات عدة.
كذلك ومنذ بدء الأزمة، تعتمد محال تجارية على سعر صرف الدولار في السوق السوداء لتسعير بضائعها؛ ما دفعها إلى تغيير الأسعار بشكل شبه يومي، حتى إن بعض المتاجر اعتمدت سعر صرف يفوق السوق السوداء لضمان أرباح إضافية، وأدى الانهيار إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل هائل تدريجياً.
يشير تقدير للبنك الدولي إلى أن لبنان سجّل أعلى معدل تضخم سنوي بنسبة 332% عام 2022، وتُعتبر الأزمة الاقتصادية المتمادية هي الأسوأ في تاريخ لبنان.
الشلل السياسي في لبنان يزيد من جانبه الوضع سوءاً، في ظل فراغ رئاسي منذ أشهر تدير خلاله البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، بينها إصلاحات يشترطها المجتمع الدولي لتقديم الدعم من أجل وقف النزيف الحاصل.
كان البرلمان اللبناني ومنذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2022، قد فشل 11 مرة في انتخاب رئيس، بسبب انقسامات سياسية عميقة